صفحة جزء
2579 2580 2581 2582 2583 2584 2585 2586 2587 2588 2589 2590 2591 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر -وأكثر ظني أنه ذكر الظهر- فصلى الركعتين ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها إحداهما على الأخرى ، فعرف في وجهه الغضب ، قال : وخرج سرعان الناس ، فقالوا : أقصرت الصلاة ؟ وفي الناس أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهاباه أن يكلماه ، فقام رجل طويل اليدين كان رسول الله - عليه ، السلام - سماه ذا اليدين ، فقال : يا رسول الله ، أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال : لم أنس ولم تقصر الصلاة ، قال : بلى نسيت يا رسول الله ، فأقبل على القوم فقال : أصدق ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم ، فجاء فصلى بنا الركعتين الباقيتين ثم سلم ، ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر " . [ ص: 15 ] حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : ثنا الخصيب ، قال : ثنا وهيب ، عن أيوب ، وابن عون ، وسلمة بن علقمة ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - نحوه .

حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن أيوب بن أبي تميمة ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة : " أن رسول الله - عليه السلام - انصرف من اثنتين ، فقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة ؟ . . . " ثم ذكر نحو ما بعد ذلك من حديث حماد بن زيد . ولم يذكر في هذا الحديث ما ذكره حماد في حديثه من قول أبي هريرة : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - " .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا ، وهيب ، قال : ثنا هشام بن حسان ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - . . . " ثم ذكر مثله .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال ، قال : ثنا يزيد بن إبراهيم ، قال : ثنا محمد بن سيرين ، قال : قال أبو هريرة : " صلى النبي - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي . . . " ، ثم ذكر نحوه ، ولم يقل أبو بكرة في هذا الحديث : "صلى بنا " .

حدثنا محمد ، بن النعمان ، قال : ثنا الحميدي ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا ابن أبي لبيد ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - . . . " ثم ذكر مثله .

حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن داود بن الحصين ،عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : " صلى بنا رسول الله - عليه السلام - . . . " ثم ذكر نحوه .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو داود ، قال : ثنا حرب بن شداد ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : ثنا أبو سلمة ، قال : ثنا أبو هريرة قال : " صلى لنا رسول الله - عليه ، السلام - . . . " ثم ذكر نحوه .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو داود (ح). [ ص: 16 ] وحدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " سلم رسول الله - عليه السلام - في ركعتين ، فقيل له : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة ؟ فقال : وما ذاك ؟ فأخبر بما صنع ، فصلى ركعتين ثم سلم ، ثم سجد سجدتين وهو جالس " .

حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا شعيب بن الليث ، قال : ثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله - عليه السلام - صلى يوما فسلم في ركعتين ثم انصرف ، فأدركه ذو الشمالين فقال : يا رسول الله أنقصت الصلاة أم نسيت ؟ فقال : لم تنقص ولم أنس . فقال : بلى والذي بعثك بالحق ، فقال رسول الله - عليه السلام - : أصدق ذو اليدين ؟ ؟ فقالوا : نعم يا رسول الله ، فصلى للناس ركعتين " .

حدثنا إبراهيم بن منقذ ، قال : ثنا إدريس ، عن عبد الله بن عياش ، عن ابن هرمز ، عن أبي هريرة مثله ، وزاد : " وسجد سجدتي السهو بعد السلام " .

حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة : "أن النبي - عليه السلام - انصرف من ركعتين . . . " . فذكر نحو ذلك غير أنه لم يذكر السلام الذي قبل السجود .


ش: هذه ثلاثة عشر طريقا كلها صحاح .

الأول : عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

وأخرجه أبو داود : عن محمد بن عبيد ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي -الظهر أو العصر - قال : صلى بنا ركعتين ثم سلم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع [ ص: 17 ] [يديه] عليها -إحداهما على الأخرى- يعرف في وجهه الغضب ، ثم خرج سرعان الناس وهم يقولون : قصرت الصلاة [قصرت الصلاة] وفي الناس أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهاباه أن يكلماه فقام رجل كان رسول الله - عليه السلام - يسميه ذا اليدين ، فقال : يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ فقال : لم أنس ولم تقصر الصلاة ، قال : بل نسيت يا رسول الله ; فأقبل رسول الله - عليه السلام - على القوم فقال : أصدق ذو اليدين ؟ فأومئوا : أي نعم ; فرجع رسول الله - عليه السلام - إلى مقامه

فصلى الركعتين الباقيتين ، ثم سلم ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع وكبر ، ثم كبر [وسجد] مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع وكبر " .
قال : فقيل لمحمد : سلم في السهو ؟ فقال : لم أحفظ من أبي هريرة ، ولكن نبئت عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : "ثم سلم " .

وأخرجه مسلم : عن أبي الربيع الزهراني ، عن حماد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة مثله .

الثاني : عن نصر بن مرزوق ، عن الخطيب بن ناصح الحارثي ، عن وهيب بن خالد البصري ، عن أيوب السختياني وعبد الله بن عون المزني البصري وسلمة بن علقمة التميمي البصري ثلاثتهم ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - .

وأخرجه البخاري : من حديث ابن عون ، عن ابن سيرين فقال : ثنا إسحاق ، ثنا ابن شميل ، أنا ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي -قال ابن سيرين : سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا- قال : فصلى بنا ركعتين ، ثم سلم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد [ ص: 18 ] فاتكأ عليها كأنه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبك بين أصابعه ، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى ، وخرجت السرعان من أبواب المسجد ، فقالوا : قصرت الصلاة ؟ وفي القوم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهابا أن يكلماه ، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له : ذو اليدين ، قال : يا رسول الله ، أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال : لم أنس ولم تقصر ؟ فقال كما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم ; فتقدم فصلى ما ترك ، ثم سلم ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه وكبر ، فربما سألوه : ثم سلم ؟ فيقول : نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم " .

وأخرجه النسائي أيضا : عن حميد بن مسعدة ، عن يزيد بن زريع ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين قال : قال أبو هريرة : "صلى النبي - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي -قال : أبو هريرة : ولكني نسيت- قال : فصلى بنا ركعتين . . . " الحديث .

وأخرجه أبو داود : من حديث سلمة بن علقمة ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - . . . " بمعنى حديث حماد كله إلى آخر قوله : "نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم ، قال : قلت : فالتشهد ؟ قال : لم أسمع في التشهد ، وأحب إلي أن يتشهد " . ولم يذكر : "كان يسميه ذا اليدين " ولا ذكر : "فأومئوا " ولا ذكر الغضب " انتهى .

قلت : حديث حماد بن زيد هو الذي ذكرناه ، عن أبي داود عن قريب فافهم .

الثالث : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

وأخرجه البخاري : ثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك بن أنس ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله - عليه السلام - [ ص: 19 ] انصرف من اثنتين ، فقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : أصدق ذو اليدين ؟ فقال الناس : نعم . فقام رسول الله - عليه السلام - فصلى اثنتين أخريين ، ثم سلم ، ثم كبر فسجد مثل سجوده وأطول " .

وأخرجه النسائي : عن محمد بن مسلمة ، عن ابن القاسم ، عن مالك . . . إلى آخره نحوه .

الرابع : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن وهب بن جرير ، عن هشام بن حسان القردوسي ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة .

وأخرجه البزار في "مسنده " : ثنا عمرو بن عيسى والحسن بن قزعة قالا : ثنا عبد الأعلى ، نا هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة : "أن النبي - عليه السلام - صلى بهم إحدى صلاتي العشي -وأكبر ظني أنها الظهر- ثم انصرف إلى خشبة في مقدم المسجد ، فوضع يديه عليها -إحداهما على الأخرى- قال : وفي الناس أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهاباه أن يكلماه ، قال : وخرج سرعان الناس فقالوا : قصرت الصلاة ، قصرت الصلاة ، قال : فقام رجل طويل اليدين كان رسول الله - عليه السلام - يسميه ذا اليدين ، فقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ قال : لم أنس ولم تقصر الصلاة ، قال : بلى يا رسول الله ، قال : أصدق ذو اليدين ؟ قالوا : نعم . قال : فرجع فصلى بنا الركعتين الباقيتين ، ثم سلم ، ثم كبر وهو جالس وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه وكبر ، ثم سجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه وكبر .

الخامس : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن الحجاج بن المنهال الأنماطي شيخ البخاري ، عن يزيد بن إبراهيم التستري ، عن محمد بن سيرين ، قال : قال أبو هريرة . . . إلى آخره .

وأخرجه البخاري : ثنا حفص بن عمر ، ثنا يزيد بن إبراهيم ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : "صلى النبي - عليه السلام - إحدى صلاتي العشاء- قال محمد : وأكثر ظني [ ص: 20 ] العصر - ركعتين ، ثم سلم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها ، وفيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهابا أن يكلماه ، وخرج سرعان الناس فقالوا : قصرت الصلاة ؟ ورجل يدعوه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذا اليدين فقال : أنسيت أم قصرت ؟ فقال : لم أنس ولم تقصر . قال : بلى قد نسيت ، فصلى ركعتين ، ثم سلم ، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر ، ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر .

السادس : عن محمد بن النعمان السقطي ، عن عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد الحميدي شيخ البخاري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي لبيد الثقفي المدني من رجال مسلم ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

وأخرجه السراج في "مسنده " نحوه .

السابع : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان اسمه قزمان -قاله الدارقطني - مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش القرشي الأسدي روى له الجماعة .

عن أبي هريرة .

وأخرجه مسلم ، والنسائي : كلاهما عن قتيبة ، عن مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد ، أنه قال : سمعت أبا هريرة يقول : "صلى لنا رسول الله صلاة العصر فسلم في ركعتين ، فقام ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : كل ذلك لم يكن . فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله ; فأقبل رسول الله - عليه السلام - على الناس ، فقال : أصدق ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم . فأتم رسول الله - عليه السلام - ما بقي من الصلاة ، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم " . [ ص: 21 ] الثامن : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن حرب بن شداد اليشكري البصري ، عن يحيى بن أبي كثير اليمامي ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

وأخرجه مسلم : حدثني حجاج بن الشاعر ، قال : نا هارون بن إسماعيل الخزاز ، قال : ثنا علي بن المبارك ، قال : نا يحيل ، قال : ثنا أبو سلمة ، قال : ثنا أبو هريرة : "أن رسول الله صلى ركعتين من صلاة الظهر ، ثم سلم فأتاه رجل من بني سليم فقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ . . . . " وساق الحديث .

التاسع : عن أبي بكرة بكار أيضا ، عن أبي داود سليمان أيضا ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

وأخرجه أبو داود : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن سعد ، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - : "أنه صلى الظهر -يعني النبي - عليه السلام - فسلم في الركعتين ، فقيل له : نقصت الصلاة ؟ فصلى ركعتين ، ثم سجد سجدتين " .

وأخرجه النسائي أيضا : عن سليمان بن عبيد الله ، عن بهز بن أسد ، عن شعبة . . . إلى آخره .

العاشر : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة . . . إلى آخره .

وأخرجه البخاري : ثنا آدم ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : "صلى بنا النبي - عليه السلام - الظهر أو العصر ، فسلم ، فقال له ذو [ ص: 22 ] اليدين : الصلاة يا رسول أنقصت ؟ فقال النبي - عليه السلام - : أحق ما يقول ؟ قالوا : نعم . فصلى ركعتين أخريين ، ثم سجد سجدتين " .

الحادي عشر : عن ربيع بن سليمان المؤذن شيخ أبي داود والنسائي وابن ماجه ، عن شعيب بن الليث من رجال مسلم ، عن يزيد بن أبي حبيب من رجال الجماعة ، عن عمران بن أبي أنس المصري من رجال مسلم ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

وأخرجه النسائي : عن عيسى بن حماد ، عن الليث . . . إلى آخره نحوه سواء .

وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه : عن شبابة ، عن ليث إلى آخره نحوه .

وهذا الحديث ينادي بأعلى صوته أن ذا اليدين وذا الشمالين كلاهما واحد وأنهما لقبان على خرباق السلمي كما قد ذكرناه ، وفيه رد على من قال : إن الزهري وهم في قوله : "أن ذا اليدين وذا الشمالين " ، واحد وأنه تفرد به ، وقد مضى الكلام فيه مستقصى .

الثاني عشر : عن إبراهيم بن منقذ العصفري ، عن إدريس بن يحيى الخولاني المصري ، عن عبد الله بن عياش -بالياء آخر الحروف المشددة-بالشين المعجمة- ابن عباس -بالباء الموحدة والسين المهملة- القتباني المصري ، فهو وإن كان النسائي قد ضعفه فهو من رجال مسلم ، وثقه ابن حبان وغيره .

وهو يروي عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة .

الثالث عشر : عن ربيع بن سليمان المؤذن -صاحب الشافعي - عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب المدني ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . [ ص: 23 ] وأخرجه البزار في "مسنده " : ثنا عمرو بن علي ، نا أبو داود ، نا ابن أبي ذئب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله - عليه السلام - سلم في ركعتين ، فقالوا : يا رسول الله ، نسيت أو قصرت الصلاة ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : لم أنس ولم تقصر الصلاة . قالوا : يا رسول الله نسيت ، فركع ركعتين أخريين وسجد سجدتين " . انتهى .

قوله : "الظهر أو العصر " شك من الراوي ، وهو ابن سيرين ، والدليل عليه ما جاء في رواية البخاري : "صلى بنا رسول الله - عليه السلام - إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين : سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا " .

قوله : "وأكبر ظني أنه ذكر الظهر " هو قول ابن سيرين أي : أكبر ظني أن أبا هريرة ذكر صلاة الظهر ، وكذا ذكره البخاري في كتاب "الأدب " وأطلق على الظهر والعصر صلاة العشي ; لأن العشي يطلق على ما بعد الزوال إلى المغرب ، وقيل : العشي من زوال الشمس إلى الصباح ، وفي "الصحاح " : العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة .

قلت : الذي قاله الجوهري هو أصل الوضع ، وفي الاستعمال : يطلق على ما ذكرنا .

قوله : "مقدم المسجد " بفتح الدال المشددة .

قوله : "إحداهما على الأخرى " قد فسره في رواية أخرى بقوله : "وشبك بين أصابعه . . . " .

قوله : "ثم خرج سرعان الناس " بفتح السين والراء والعين المهملات ، أي أخفاؤهم والمستعجلون منهم وأوائلهم ويلزم الأعراب "نونه " في كل وجه ، هو الصواب الذي قاله الجمهور من أهل الحديث واللغة ، وكذا ضبطه المتقنون ، وقال ابن الأثير : "السرعان " -بفتح السين والراء- أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة ، ويجوز تسكين الراء . [ ص: 24 ] قلت : وكذا نقل القاضي عن بعضهم ، قال : وضبطه الأصيلي في "المغازي " -بضم السين وإسكان الراء- ووجهه أنه جمع سريع كفقير وفقران وكثيب وكثبان ، ومن قال : "سرعان " بكسر السين فهو خطأ ، وقيل : يقال أيضا : سرعان -كسر السين وسكون الراء-وهو جمع سريع كرعيل ورعلان وأما قولهم : سرعان ما فعلت ، ففيه ثلاث لغات : الضم والكسر والفتح ، مع إسكان الراء والنون مفتوحة أبدا .

قوله : "فقام رجل طويل اليدين " وفي رواية : "فقام ذو اليدين " وفي رواية : "رجل من بني سليم " وفي رواية : "رجل يقال له : الخرباق بن عمرو وكان في يده طول " . وفي رواية : "رجل بسيط اليدين " . هذا كله رجل واحد ، واسمه : الخرباق ابن عمرو ، ولقبه : ذو اليدين ، وذو الشمالين ، كما ذكرناه فيما مضى مستقصى .

قوله : "لم أنس ولم تقصر الصلاة " وفي رواية مسلم : "كل ذلك لم يكن " وفي رواية أبي داود : "كل ذلك لم أفعل " قال النووي : فيه تأويلان :

أحدهما : أن معناه لم يكن المجموع ولا ينفي وجود أحدهما .

والثاني : وهو الصواب معناه : لم يكن لا ذاك ولا ذا في ظني ، بل ظني أني كملت الصلاة أربعا ، ويدل على صحة هذا التأويل وأنه لا يجوز غيره ، أنه جاء في رواية للبخاري في هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - قال : "لم تقصر ولم أنس " ويقال : "لم أنس " يرجع إلى السلام ، أي : لم أسه فيه ، إنما سلمت قصدا ، ولم أسه في نفس السلام ، وإنما سهوت ، عن العدد ; قال القرطبي : "وهذا فاسد ; لأنه حينئذ لا يكون جوابا عما سئل عنه ، ويقال : بين النسيان والسهو فرق ; فقيل : كان النبي - عليه السلام - يسهو ولا ينسى ، ولذلك نفى عن نفسه النسيان ; لأن فيه غفلة ولم يغفل ، قاله القاضي . وقال القشيري : يبعد الفرق بينهما في استعمال اللغة ، وكأنه يتلوح من اللفظ ، على أن النسيان عدم الذكر لأمر لا يتعلق بالصلاة ، والسهو عدم الذكر لأمر يتعلق بها ، ويكون النسيان : الإعراض عن تفقد أمورها حتى يحصل عدم الذكر ، والسهو : عدم الذكر لا لأجل الإعراض ، وقال القرطبي : لا نسلم الفرق ، ولئن سلم فقد [ ص: 25 ] أضاف - عليه السلام - النسيان إلى نفسه في غير مما موضع بقوله : "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني " .

وقال القاضي : إنما أنكر - عليه السلام - نسيت المضافة إليه ، وهو قد نهى عن هذا بقوله : "بئسما لأحدكم أن يقول نسيت كذا ، ولكنه نسي " وقد قال أيضا : "لا أنسى " على النفي ولكن أنسى " .

وقد شك بعض الرواة في روايته فقال : " أنس ، أو أنسى " وأن "أو " للشك أو للتقسيم ، وأن هذا يكون منه مرة من قبل شغله ، ومرة يغلب ويجبر عليه ; فلما سأله السائل بذلك أنكره وقال : "كل ذلك لم يكن " وفي الأخرى "لم أنس ولم تقصر " أما القصر فبين ، وكذلك "لم أنس " حقيقة من قبل نفسي ولكن الله أنساني ، ويمكن أن يجاب عما قاله القاضي : أن النهي في الحديث عن إضافة نسيت إلى الآية الكريمة ; لأنه يفتح للمؤمن أن يضيف إلى نفسه نسيان كلام الله تعالى ، ولا يلزم من هذا النهي الخاص النهي عن إضافته إلى كل شيء ; فافهم .

وذكر بعضهم أن العصمة ثابتة في الإخبار عن الله تعالى ، وأما إخباره عن الأمور الوجودية فيجوز فيها النسيان .

قلت : تحقيق الكلام في هذا المقام أن قوله : "لم أنس ولم تقصر الصلاة " مثل قوله : "كل ذلك لم يكن " والمعنى : كل من القصر والنسيان لم يكن ، فيكون في معنى : لا شيء منهما بكائن ، على شمول النفي وعمومه لوجهين :

أحدهما : أن السؤال عن أحد الأمرين بـ"أم " يكون لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم لا على التعيين ، فجوابه إما بالتعيين أو بنفيهما جميعا تخطئة [ ص: 26 ] للمستفهم ، لا ينفي الجمع بينهما حتى يكون نفي العموم ; لأنه عارف بأن الكائن أحدهما .

والثاني : لما قال : "كل ذلك لم يكن " قال له ذو اليدين : "قد كان بعض ذلك " ومعلوم أن الثبوت للبعض إنما ينافي النفي عن كل فرد لا النفي عن المجموع .

وقوله "قد كان بعض ذلك " موجبة جزئية ، ونقيضها السالبة الكلية ، ولولا أن ذا اليدين فهم السلب الكلي لما ذكر في مقابلته الإيجاب الجزئي ، وها هنا قاعدة أخرى وهي : أن لفظة كل إذا وقعت في حيز النفي كان النفي موجبها خاصة ، وأفاد بمفهومه ثبوت الفعل لبعض الأفراد ، كقولك : ما جاء كل القوم ، ولم آخذ كل الدراهم ، وقوله : ما كل ما يتمنى المرء يدركه ، وإن وقع النفي في حيزها اقتضى السلب عن كل فرد ; لقوله - عليه السلام - : "كل ذلك لم يكن " .

قوله : "فقالوا : نعم " وفي رواية البخاري : "فقال الناس : نعم " وفي رواية أبي داود : "فأومئوا : نعم " كما ذكرنا ، وأكثر الأحاديث : "قالوا : نعم " ويمكن أن يجمع بينهما بأن بعضهم أومأ ، وبعضهم تكلم ، ثم إذا كان كلاما لا إشارة كان إجابة للرسول - عليه السلام - وهي واجبة قال الله تعالى : استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم وقال بعض المالكية : لا يلزم أن تكون الإجابة بالقول ، بل يكفي فيها الإيماء ، وعلى تقدير أن تجب بالقول لا يلزم منه الحكم بصحة الصلاة ، لجواز أن تجب الإجابة ، ويلزمهم الاستئناف ، أو يكون النبي - عليه السلام - تكلم معتقدا للتمام والصحابة تكلموا مجوزين النسخ . انتهى .

ويضعف هذا قول ذي اليدين : "قد كان بعض ذلك " وقولهم : "نعم " بعد قوله : "أصدق ذو اليدين " فقد تكلموا بعد العلم بعدم النسخ .

فإن قيل : كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعد في الصلاة ؟ . [ ص: 27 ] قلت : قال النووي -رحمه الله- : فجوابه من وجهين :

الأول : أنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة ; لأنهم كانوا مجوزين لنسخ الصلاة ، من أربع إلى ركعتين ، ولهذا قال ذو اليدين : "أقصرت الصلاة أم نسيت " .

والثاني : أن هذا كان خطابا للنبي - عليه السلام - وجوابا ، وذلك لا يبطل عندنا ولا عند غيرنا ، وفي روايةلأبي داود بإسناد صحيح "أن الجماعة أومئوا " أي : أشاروا : نعم ، فعلى هذه الرواية لم يتكلموا .

قلت : وفي الجواب الأول نظر كما ذكرنا الآن ، وقال القاضي : وقد يجاب عن هذا بأن يقال : يمكن أن يجاوبوه إشارة إذ لم يكن استدعى منهم النطق ، وفي كتاب أبي داود ما يشير إلى هذا ; لأنه ذكر أن أبا بكر وعمر أشارا إليه أن يقوم ، ولعل أن من روى عنهما أنهما قالا : نعم أي : أشار ، فسمى الإشارة قولا .

ويستفاد منه أحكام :

الأول : احتج به بعضهم على جواز الترجيح بكثرة العدد ، قال القرطبي : لا حجة فيه ; لأنه إنما استكشف لما وقع له من التوقف في خبره حيث انفرد بالخبر عن ذلك الجمع لكثير وكلهم دواعيهم متوفرة ، وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع ، فوقعت الريبة في خبر المخبر لهذا ، وجوز أن يكون الغلط والسهو منه لا لأنها شهادة .

الثاني : فيه إشكال على مذهب الشافعي ; لأن عندهم أنه لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره إماما كان أو مأموما ولا يعمل إلا على يقين نفسه ، واعتذر الشيخ محيي الدين النووي عن هذا بأنه - عليه السلام - سألهم ليتذكر ، فلما ذكروه تذكر بعلم السهو فبنى عليه ، لا أنه رجع إلى مجرد قولهم ، ولو جاز ترك يقين نفسه والرجوع إلى قول غيره ، لرجع ذو اليدين حين قال النبي - عليه السلام - : "لم تقصر ولم أنس " .

قلت : هذا ليس بجواب مخلص لأنه لا يخلو من الرجوع ، سواء كان رجوعه للتذكر أو لغيره ، وعدم رجوع ذي اليدين كان لأجل كلام الرسول - عليه السلام - لا لأجل يقين نفسه ، فافهم . [ ص: 28 ] وقال ابن القصار : اختلفت الرواية في هذا عن مالك ، فمرة قال : يرجع إلى قولهم -وهو قول أبي حنيفة - لأنه قال : يبني على غالب ظنه ، وقال مرة أخرى : يعمل على يقينه ولا يرجع إلى قولهم ، كقول الشافعي .

الثالث : استدلت طائفة -منهم : الأوزاعي - على جواز الكلام في الصلاة لمصلحة الصلاة .

الرابع : استدلت به طائفة -منهم : الشافعي ومالك وأحمد - أن الصلاة لا تفسد بالكلام ناسيا .

وسيجيء الكلام فيه مستقصى إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية