صفحة جزء
2604 ص: ومما يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد كان مع رسول الله - عليه السلام - في يوم ذي اليدين ، ثم قد حدثت تلك الحادثة في صلاته من بعد رسول الله - عليه السلام - فعمل بخلاف ما كان عمل به رسول الله - عليه السلام - يومئذ .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن عثمان بن الأسود ، قال : سمعت عطاء يقول : " صلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - بأصحابه فسلم في ركعتين ، ثم انصرف فقيل له في ذلك ; فقال : إني جهزت عيرا من العراق بأحمالها وأحقابها حتى وردت المدينة ، قال : فصلى بهم أربع ركعات " .

فدل ترك عمر - رضي الله عنه - لما قد كان علمه من فعل رسول الله في مثل هذا وعمله بخلافه على نسخ ذلك عنده ، وعلى أن الحكم كان في تلك الحادثة في زمنه بخلاف ما كان في يوم ذي اليدين . ، وقد كان فعل عمر - رضي الله عنه - أيضا بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - الذين قد حضر بعضهم فعل رسول الله - عليه السلام - يوم ذي اليدين في صلاته فلم ينكروا ذلك عليه ولم يقولوا له : إن رسول الله - عليه السلام - قد فعل يوم ذي اليدين خلاف ما فعلت ، فدل ذلك أيضا أنهم قد كانوا علموا من نسخ ذلك ما كان عمر - رضي الله عنه - علمه .


ش: أي ومن الذي يدل على أن كلام ذي اليدين لرسول الله - عليه السلام - بما ذكر كان والكلام مباح ، وأن حديثه منسوخ : أن عمر بن الخطاب عمل بعد رسول الله - عليه السلام - بخلاف ما قد كان - عليه السلام - عمله يوم ذي اليدين ، والحال أنه كان فيمن حضر يوم ذي اليدين ، فلولا ثبت عنده انتساخ ذلك لما عمل بخلاف ما عمل به النبي - عليه السلام - .

وأيضا فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد كان فعل هذا بحضرة الصحابة ، وفيهم من قد كان حاضرا يوم ذي اليدين ، فلم ينكروا ذلك عليه ، ولم يقولوا : عملت [ ص: 65 ] بخلاف ما عمل به النبي - عليه السلام - يومئذ ، فدل ذلك أنهم علموا أيضا ما قد علمه عمر - رضي الله عنه - من النسخ ، فصار ذلك منهم إجماعا .

وأخرج الأثر الذي دل على ذلك ، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري ، عن عثمان بن الأسود بن موسى روى له الجماعة ، عن عطاء بن أبي رباح . . . إلى آخره .

وهذا مرسل .

قوله : "عيرا " بكسر العين وسكون الياء آخر الحروف : الإبل بأحمالها من : يعير ، إذا سار ، وقيل : هي قافلة الحمير ، فكثرت حتى سميت بها كل قافلة ، كأنها جمع عير -بفتح العين- وكان قياسها أن تكون فعلا -بالضم- كسقف في سقف ، إلا أنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو : عين .

قوله : "وأحقابها " الأحقاب : جمع حقب -بفتحتين- وهو الحبل الذي يشد على حقو البعير .

التالي السابق


الخدمات العلمية