صفحة جزء
2633 ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سعيد بن منصور ، قال : ثنا هشيم ، عن يونس ، عن منصور ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " لا يقطع الصلاة مرور شيء إذا كان بين يديه كآخرة الرحل ، وقال : يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود ، قال : قلت يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الأحمر من الأبيض ؟ فقال : يا ابن أخي سألتني عما سألت رسول الله - عليه السلام - فقال : "إن الكلب الأسود شيطان " .


ش: إسناده صحيح ، ويونس هو ابن عبيد بن دينار البصري ، روى له الجماعة ، ومنصور هو ابن زاذان الواسطي روى له الجماعة ، وحميد بن هلال بن هبيرة البصري روى له الجماعة ، وعبد الله بن الصامت الغفاري البصري ابن أخي أبي ذر روى له الجماعة البخاري مستشهدا ، وأبو ذر جندب بن جنادة .

وأخرجه مسلم : ثنا ابن أبي شيبة ، قال : نا إسماعيل ابن علية .

وحدثني زهير بن حب ، قال : نا إسماعيل بن إبراهيم ، عن يونس ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - عليه السلام - : "إذا قام [ ص: 106 ] أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل ، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود ، قلت : يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ قال : يا ابن أخي سألت رسول الله - عليه السلام - كما سألتني ، فقال : الكلب الأسود شيطان " .

وأخرجه الأربعة أيضا مطولا ومختصرا .

قوله : "كآخرة الرحل " أي كقدر مؤخر الرحل ، و"الرحل " بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين : الذي تركب عليه الإبل ، وهو الكور . وقال الجوهري : الرحل رحل البعير وهو أصغر من القتب ، والجمع الرحال ، وثلاثة أرحل .

وقال عياض : آخرة الرحل هو العود الذي في آخر الرحل .

والمؤخرة : -بضم الميم وكسر الخاء- كذا قاله أبو عبيد ، وحكى ثابت فيه فتح الخاء ، وأنكره ابن قتيبة ، وأنكر ابن مكي أن يقال مقدم ومؤخر -بالكسر- إلا في المعين خاصة ، وغيره بالفتح ، ورواه بعض الرواة بفتح الواو وتشديد الخاء .

قوله : "من الأبيض " معناه ما بال الأسود من الأبيض .

قوله : "إن الكلب الأسود شيطان " فيه معنيان : الأول يجوز أن يكون حقيقا ويكون الكلب الأسود جنسا من الشياطين ; لأن الشياطين أجناس وأنواع كالعفاريت والسفالي والغيلان ، ويجوز أن يكون بمعنى تشبيه بليغ لوصف خاص فيه دون غيره من الكلاب .

ويستنبط منه أحكام :

الأول : أن المصلي إذا كان بينه وبين المار سترة ; لا يضر صلاته مرور المار . [ ص: 107 ] واختلفوا في المقدار الذي يكون بينه وبين السترة ; فقيده بعض الناس بشبر ، وآخرون بثلاثة أذرع وبه قال الشافعي وأحمد ، وهو قول عطاء وآخرون بستة ذكر السفاقسي قال : أبو إسحاق : رأيت عبد الله بن مغفل يصلي بينه وبين القبلة ستة أذرع ، وفي نسخة "بثلاثة أذرع " ، وفي مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح نحوه ، وقال : القرطبي لم يحد مالك في ذلك حدا إلا أن ذلك بقدر ما يركع فيه ويسجد ويتمكن من دفع من يمر بين يديه .

وقال : أبو داود : نا القعنبي والنفيلي ، قالا نا عبد العزيز -هو ابن أبي حازم- قال : أخبرني أبي ، عن سهل قال : "كان بين مقام النبي - عليه السلام - وبين القبلة ممر عنز " .

الثاني : أن مقدار السترة ينبغي أن يكون كقدر مؤخرة الرحل ، وقال : عياض أقل ما يجزئ من ذلك : قدر عظم الذراع في غلظ الرمح عند مالك وهو التفات إلى صلاته - عليه السلام - لمؤخرة الرحل في الارتفاع وللعنزة في الغلظ .

الثالث : اختلف العلماء في هذا الحديث ، فقال بظاهره جماعة من الصحابة والتابعين على ما يجيء بيانه مستقصى إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية