صفحة جزء
2641 2642 2643 2644 2645 2646 [ ص: 120 ] ص: وقد روي عن الفضل بن عباس عن النبي - عليه السلام - ما يدل على أن الحمار أيضا لا يقطع الصلاة :

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن محمد بن عمر ، عن عباس بن عبيد الله بن عباس ، عن الفضل بن عباس - رضي الله عنهم - قال : " زارنا رسول الله - عليه السلام -في بادية لنا ، ولنا كليبة وحمارة ترعى فصلى العصر وهما بين يديه فلم تزجرا ولم تؤخرا .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا معاذ بن فضالة ، قال : ثنا يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب . . . فذكر بإسناده نحوه .

حدثنا محمد بن حميد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، عن يحيى بن أيوب . (ح).

وحدثنا محمد ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أنا يحيى بن أيوب ، قال عبد الله بن صالح في حديثه : عن محمد بن عمر ، وقال ابن أبي مريم في حديثه : قال : حدثني محمد بن عمر . ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : " زار رسول الله - عليه السلام - عباسا - رضي الله عنه - " .

فقد وافق هذا الحديث حديث صهيب 5 وعبيد الله ، عن ابن عباس الذي قدمنا ذكرهما في الفصل الذي قبل هذا .

ثم رجعنا إلى حكم مرور الكلب بين يدي المصلي كيف هو ، وهل يقطع الصلاة أم لا ؟ فكان أحد من روينا عنه عن النبي - عليه السلام - أنه يقطع الصلاة ابن عباس ، قد روينا ذلك عنه في أول هذا الباب ، ثم قد روي في حديث الفضل الذي ذكرنا ما قد خالفه ، ثم روينا عن ابن عباس بعد من قوله بعد رسول الله - عليه السلام - في حديث عكرمة عنه أن الكلب لا يقطع الصلاة ; فدل ذلك على ثبوت نسخ ذلك عنده ، وعلى أن ما رواه الفضل عن النبي - عليه السلام - من ذلك كان متأخرا لما رواه ابن عباس عن النبي - عليه السلام - .


[ ص: 121 ] ش: أخرج ما روي عن الفضل بن عباس من أربع طرق صحاح :

الأول : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري ، عن عبد الملك بن جريج ، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، وثقه ابن حبان ، وروى له أبو داود والنسائي .

عن عباس بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ، وثقه ابن حبان .

عن الفضل بن عباس بن عبد المطلب - رضي الله عنهما - .

وأخرجه النسائي : أنا عبد الرحمن بن خالد ، قال : ثنا حجاج ، قال : قال ابن جريج : قال : أخبرني محمد بن عمر بن علي ، عن عباس بن عبيد الله بن عباس ، عن الفضل بن عباس قال : "زار رسول الله - عليه السلام - عباسا في بادية لنا ، ولنا كليبة وحمارة ترعى ، فصلى النبي - عليه السلام - العصر . . . " إلى آخره نحوه .

الثاني : عن إبراهيم بن مرزوق أيضا ، عن معاذ بن فضالة الزهراني شيخ البخاري ، عن يحيى بن أيوب الغافقي المصري ، عن محمد بن عمر . . . إلى آخره .

وأخرجه أبو داود : ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عمر بن علي ، عن عباس بن عبيد الله بن العباس ، عن الفضل بن عباس قال : "أتانا رسول الله - عليه السلام - ونحن في بادية ومعه عباس ، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة ، وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه ، فما بالى ذلك " .

الثالث : عن محمد بن حميد بن هشام الرعيني ، عن عبد الله بن صالح كاتب الليث وشيخ البخاري ، عن الليث ، عن يحيى بن أيوب الغافقي ، عن محمد بن عمر ، عن عباس بن عبيد الله بن عباس ، عن الفضل بن عباس . [ ص: 122 ] وأخرجه أحمد في "مسنده " نحوه .

الرابع : عن محمد بن حميد أيضا ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ البخاري ، عن يحيى بن أيوب . . . إلى آخره .

وأخرجه الطبراني في الكبير : ثنا يحيى بن أيوب العلاف ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، أنا يحيى بن أيوب ، حدثني محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، أن عباس بن عبيد الله بن عباس حدثه ، عن الفضل بن عباس قال : "أتى رسول الله - عليه السلام - عباسا في بادية لنا ، فصلى العصر وبين يديه كليبة لنا أو حمارة لنا فما ينهاها ولا يؤخرها " .

وقد طعن ابن حزم في هذا الحديث : أن العباس بن عبيد الله بن العباس لم يدرك عمه الفضل .

قلت : ذكر جماعة من الثقات أنه روى عن عمه الفضل بن عباس فيدل هذا على أنه أدركه .

قوله : "كليبة " تصغير كلبة .

قوله : "فلم تزجرا " على صيغة المجهول أي الكليبة والحمارة وكذا قوله : "ولم تؤخرا " على صيغة المجهول .

قوله : "تعبثان " أي تلعبان ، من العبث وهو الإفساد ، وفي بعض نسخ أبي داود "تعيثان " من عاث الذئب في الغنم تعوث عيثا : إذا أفسد ، ويجوز أن تكون عثي يعثى عيثا إذا أفسد ، من باب علم يعلم ، ويقال : عثا يعثو من باب نصر ينصر ، وتكون التثنية تعثيان بتقديم الثاء المثلثة .

ومما يستفاد من هذا الحديث : أنه إذا صلى في الصحراء بلا سترة لا بأس عليه ، قال الأبهري : لا خلاف أن السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يأمن من [ ص: 123 ] المرور بين يديه واختلفوا في موضع يأمن ، فعن مالك قولان ، وعند الشافعي هي مشروعة مطلقا ، فإن كان في الفضاء هل يصلي إلى غير سترة ; فأجازه ابن القاسم لهذا الحديث ، وقال مطرف وابن الماجشون : لا بد من السترة ، وذكر عن عروة وعطاء وسالم والقاسم والشعبي والحسن أنهم كانوا يصلون في الفضاء إلى غير سترة .

قوله : "فقد وافق هذا الحديث " أي قد وافق حديث الفضل بن عباس هذا حديث صهيب البكري البصري وحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة اللذين ذكرا فيما مضى في الفصل الذي قبل هذا ، وهما رويا عن ابن عباس في حديثيهما حكم الحمار ، وأنه لا يقطع الصلاة فكذلك روى الفضل في حديثه المذكور حكم الحمار وأنه لا يقطع الصلاة ، وزاد هو في روايته هذه "الكلب " بأنه لا يقطع الصلاة ، وقد كان روي عن ابن عباس أن مرور الكلب بين يدي المصلي يقطع الصلاة ، وهو المذكور في أول الباب الذي احتج به أهل المقالة الأولى ، وروي عنه أيضا ما يخالفه ، وهو الذي احتج به أهل المقالة الثانية ، وقد ذكرنا أن بينهما تعارضا ظاهرا ، وذكرنا أيضا أن روايته الثانية ناسخة للأولى ; لأنه روي عنه من بعد النبي - عليه السلام -فيما رواه عكرمة عنه- أن الكلب لا يقطع الصلاة ، وفتواه هذه تدل على انتساخ ذلك الحديث الذي فيه القطع ; لأنه لو لم يعلم ذلك ولم يثبت عنده لما قال بعد النبي - عليه السلام - قولا يخالف ما رواه عنه ، ودل ذلك أيضا على أن ما رواه الفضل عن النبي - عليه السلام - من ذلك كان متأخرا عما رواه عبد الله بن عباس عن النبي - عليه السلام - ، والمتأخر ناسخ للمتقدم بلا خلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية