صفحة جزء
2694 2695 2696 2697 2698 2699 2700 2701 2702 2703 2704 ص: وقد جاءت عن رسول الله - عليه السلام - آثار متواترة صحيحة المجيء مفسرة المعنى تخبر عن طهارة ذلك بالدباغ ، فما روي في ذلك :

ما حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا إبراهيم بن بشار ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : " مر النبي - عليه السلام - بشاة ميتة لميمونة ، فقال : لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا " .

حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أنا أسامة ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس : " أن رسول الله - عليه السلام - قال لأهل شاة ماتت : ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به " . [ ص: 177 ] حدثنا أبو بشر الرقي ، قال : ثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، قال : أخبرني عطاء منذ حين ، عن ابن عباس قال : " أخبرتني ميمونة عن شاة ماتت ، فقال النبي - عليه السلام - : هلا دبغتم إهابها فاستمتعتم به " .

حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا شعيب بن الليث ، وأسد بن موسى ، قالا : ثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، أنه قال : سمعت ابن عباس يقول : " ماتت شاة ، فقال رسول الله - عليه السلام - لأهلها : ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به " .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا شعبة ، عن يعقوب بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : " ماتت شاة لميمونة ، فقال رسول الله - عليه السلام - : هلا انتفعتم بإهابها ، قالوا : إنها ميتة ، فقال : إن دباغ الأديم طهوره " .

حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - عليه السلام - : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا عثمان بن عمر ، قال : أنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن وعلة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - عليه السلام - قال : " إذا دبغ الأديم فقد طهر " .

حدثنا ربيع الجيزي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : حدثني زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، أنه قال لابن عباس : "إنا نغزو أرض المغرب ، وإنما أسقيتنا جلود الميتة ، فقال ابن عباس : سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول : أيما مسك دبغ فقد طهر " .

حدثنا ربيع الجيزي ، قال : حدثني إسحاق بن بكر بن مضر ، قال : ثنا أبي ، عن جعفر بن ربيعة ، أنه سمع أبا الخير يخبر ، عن ابن وعلة ، أنه سأل ابن عباس فقال : " إنا نغزو هذه المغرب ولهم قرب يكون فيها الماء وهم أهل وثن ؟ قال ابن عباس : الدباغ طهور ، فقال : له ابن وعلة : أعن رأيك أم سمعته من رسول الله - عليه السلام - ؟ قال : بل سمعته من رسول الله - عليه السلام - " . [ ص: 178 ] حدثنا ربيع الجيزي ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا عبدة بن سليمان (ح).

وحدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى العبسي قالا جميعا : عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر ، عن عكرمة عن ابن عباس ، عن سودة زوج النبي - عليه السلام - قالت : "ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ، فما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا " .


ش: أي قد جاءت أحاديث كثيرة عن رسول الله - عليه السلام - صحيحة الأسانيد ظاهرة المعاني تخبر أن جلد الميتة يطهر بالدباغ ، فمن الذي روي في ذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - .

وأخرجه من أحد عشر طريقا :

الأول : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن إبراهيم بن بشار الرمادي البصري شيخ أبي داود والبخاري في غير "الصحيح " ، وثقه ابن حبان .

عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس .

وهذا إسناد صحيح .

وأخرجه مسلم : ثنا ابن أبي عمر وعبد الله بن محمد الزهري واللفظ لابن أبي عمر ، قالا : ثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس : "أن رسول الله - عليه السلام - مر بشاة مطروحة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة ، فقال رسول الله - عليه السلام - : ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به " .

قوله : "لو أخذوا إهابها " جواب "لو " محذوف ، أي : لو أخذوا إهاب هذه الشاة الميتة فدبغوه فانتفعوا به لكان خيرا لهم من إلقائه ثم الانتفاع أعم من أن يكون باللبس والفرش واتخاذ الآلة ونحو ذلك . [ ص: 179 ] الثاني : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن أسامة بن زيد الليثي ، عن عطاء ، عن ابن عباس .

وهذا أيضا صحيح .

وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث ابن وهب ، أخبرني أسامة بن أبي زيد الليثي ، عن عطاء ، عن ابن عباس : "أن رسول الله - عليه السلام - قال لأهل شاة ماتت : ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به " .

الثالث : عن أبي بشر الرقي عبد الملك بن مروان ، عن حجاج بن محمد الصيصي الأعور ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس .

وهذا أيضا صحيح .

وأخرجه النسائي : أخبرني عبد الرحمن بن خالد القطان الرقي ، ثنا حجاج ، قال : ثنا ابن جريج . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي سواء .

الرابع : عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن شعيب بن الليث وأسد بن موسى ، كلاهما عن الليث بن سعد ، عن يزيد أبي حبيب سويد المصري ، عن عطاء . . . إلى آخره .

وهذا أيضا صحيح .

وأخرجه السراج في "مسنده " : ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الليث بن سعد . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي سواء متنا وسندا .

الخامس : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن روح بن عبادة ، عن شعبة ، عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ، عن أبيه عطاء ، عن ابن عباس .

عن أحمد بن يعقوب بن عطاء ، منكر الحديث ، وقال : يحيى وأبو زرعة : ضعيف .

وقال أبو حاتم : ليس بالمتين ، يكتب حديثه . وذكره ابن حبان في "الثقات " . [ ص: 180 ] وأخرجه البزار في "مسنده " : ثنا محمد بن معمر ، والسكن بن سعيد ، قالا : نا روح بن عبادة ، نا شعبة ، نا يعقوب بن عطاء ، عن أبيه ، عن ابن عباس . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي سواء .

قوله : "إن دباغ الأديم " أراد به أن دباغ الإهاب ، أطلق على الإهاب أديما باعتبار ما يؤول ; لأن الأديم اسم للجلد الذي دبغ ، والإهاب اسم للجلد الذي لم يدبغ .

قوله : "طهوره " يجوز فيه فتح الطاء وضمها ، أما الفتح ، فعلى معنى أن الدباغ مطهر له ، وأما الضم فعلى معنى أن الدباغ طهارة له .

السادس : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن زيد بن أسلم القرشي المدني ، عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي المصري ، عن ابن عباس .

وهذا إسناد صحيح .

وأخرجه مسلم : نا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرني سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، أن عبد الرحمن بن وعلة أخبره ، عن عبد الله بن عباس ، قال : سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول : "إذا دبغ الإهاب فقد طهر " .

وأخرجه أبو داود : ثنا محمد بن كثير ، قال : أنا سفيان ، عن زيد بن أسلم . . . إلى آخره نحو رواية مسلم .

وأخرجه النسائي : أنا قتيبة وعلي بن حجر ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي .

وأخرج الترمذي أيضا نحوه . [ ص: 181 ] قوله : "أيما إهاب دبغ " يتناول سائر الأهب من جلود الميتات وغيرها ، حتى إن بعضهم ذهب إلى أن جلد الخنزير أيضا يطهر بالدباغ ; لعموم اللفظ ، وروي ذلك عن أبي يوسف أيضا .

قلنا : لم يكن من عادتهم اقتناء الخنازير حتى تموت فيدبغوا جلودها ، ولأن نجاسة الخنزير ليست لما فيه من الدم والرطوبة بل هو نجس العين ، فكان وجود الدباغ في حقه وعدمه بمنزلة واحدة ، وقيل : إن جلده لا يحتمل الدباغ ; لأن له جلودا مترادفة بعضها فوق بعض كما للآدمي ، وقال بعضهم : ولا يتناول الحديث الكلب أيضا ; لأنه لم يكن من عاداتهم استعمال جلده .

قلنا : لا يلزم من ترك استعمالهم جلد الكلب أن لا يطهر جلده بالدباغ ; فالحديث يتناول جلده أيضا لكونه قابلا للدباغ .

فإن قيل : ما تقول في جلد الآدمي على هذا العموم ؟

قلت : إنما منع ذلك في جلد الآدمي لكرامته واحترامه . وقال القاضي عياض : وقال بعضهم : بل يخص هذا العموم بقوله : "دباغ الأديم ذكاته " فأحل الذكاة محل الدباغ ، فوجب أن لا يؤثر الدباغ إلا فيما تؤثر فيه الذكاة ، والذكاة إنما تؤثر عند هؤلاء فيما يستباح لحمه ; لأن قصد الشرع بها استباحة اللحم ; فإذا لم يستبح اللحم لم تصح الذكاة ، وإذا لم تصح الذكاة لم يصح الدباغ المشبه به ، وقد أشار بعض من انتصر لمذهب مالك إلى سلوك هذه الطريقة ، فرأى أن التحريم يتأكد في الخنزير ، واختص بنص القرآن عليه ، فلهذا لم تعمل الذكاة فيه ، فلما تقاصر عنه في التحريم ، ما سواه لم يلحق به في الدباغ تأثيرا، وقد سلك هذه الطريقة أيضا أصحاب الشافعي ، ورأوا أن الكلب أخص في الشرع بتغليظ لم يرد فيما سواه من الحيوان وألحق بالخنزير .

قلت : ذهب بعض أصحابنا المحققين إلى هذا ، فقالوا : إن الذكاة تحل محل الدباغ فوجب أن يؤثر الدباغ فيما تؤثر فيه الذكاة ، والذكاة عندهم تؤثر في التطهير لا في استباحة اللحم ، حتى لو ذبح الحمار أو الكلب يطهر ، فإذا كان الأمر كذلك أثر [ ص: 182 ] الدباغ في جلد كل حيوان ولا يستثنى منه غير الخنزير لنجاسة عينه ، والآدمي لكرامته ، والله أعلم .

السابع : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عثمان بن عمر بن فارس البصري ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة . . . إلى آخره .

وهذا إسناد صحيح .

وأخرجه مالك في "موطإه " ولفظه : "إذا دبغ الإهاب فقد طهر " .

الثامن : عن ربيع بن سليمان الجيزي شيخ أبي داود والنسائي ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ البخاري ، عن أبي غسان محمد بن مطرف بن داود الليثي المدني نزيل عسقلان ، روى له الجماعة . . . إلى آخره .

وهذا أيضا إسناد صحيح .

وأخرجه أحمد في "مسنده " : حدثني عفان ، نا حماد بن سلمة ، ثنا زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، قال : "قلت لابن عباس : إنا لنغزو هذا المغرب وأكثر أسقيتهم الميتة -وربما قال حماد : وعامة أسقيتهم الميتة - قال : سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول : دباغها طهورها " .

قوله : "وإنما أسقيتنا " الأسقية جمع سقاء -بالكسر- وهو الدلو .

قوله : "أيما مسك " بفتح الميم ، وهو الجلد .

التاسع : عن ربيع بن سليمان الجيزي الأعرج ، عن إسحاق بن بكر بن مضر ، عن أبيه بكر بن مضر بن محمد المصري ، عن جعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة الكندي المصري ، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري ، عن عبد الرحمن بن وعلة .

وهذا إسناد صحيح . [ ص: 183 ] وأخرجه مسلم : حدثني إسحاق بن منصور وأبو بكر بن إسحاق ، عن عمرو بن الربيع ، قال : أنا يحيى بن أيوب ، عن جعفر بن ربيعة ، عن أبي الخير حدثه ، قال : حدثني ابن وعلة السبئي ، قال : "سألت عبد الله بن عباس ، قلت : إنا نكون بالمغرب فيأتينا المجوس بالأسقية فيها الماء والودك ؟ فقال : اشرب ، فقلت : أرأي تراه ؟ فقال ابن عباس : سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول : دباغه طهوره " .

وأخرجه النسائي : أخبرني الربيع بن سليمان ، ثنا إسحاق بن بكر . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي .

وأخرجه السراج في "مسنده " : ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، ثنا عبد الله بن يوسف ، ثنا بكر بن مضر . . . إلى آخره نحوه .

قوله : "وهم أهل وثن " وهو الصنم ، والجمع : وثن وأوثان ، مثل أسد وآساد ، ويقال : الوثن : ما يعمل من الجلد ونحوهما ، والصنم ما يعمل من الخشب والفضة والذهب ونحوها .

العاشر : عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى أسد السنة ، عن عبدة ابن سليمان الكلابي الكوفي ، عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي ، عن عامر الشعبي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

وهذا أيضا صحيح .

وأخرجه النسائي : أنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، أنا الفضل بن موسى ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن النبي ، عن عكرمة . . . إلى آخره نحوه سواء .

وأخرجه البخاري أيضا . [ ص: 184 ] الحادي عشر : عن إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي المعروف بترنجة نزيل مصر ، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي -بالعين المهملة ، والباء الموحدة ، والسين المهملة- شيخ البخاري .

عن إسماعيل بن أبي خالد . . . إلى آخره .

وأخرجه أحمد في "مسنده " : ثنا ابن نمير ، عن إسماعيل ، عن عامر ، عن عكرمة عن ابن عباس . . . إلى آخره نحوه .

قوله : "ننبذ " من نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا وانتبذته : اتخذته نبيذا ، وسواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له : نبيذ . ويقال للخمر المعتصر من العنب : نبيذ ، كما يقال للنبيذ خمر .

قوله : "حتى صار شنا " الشن -بفتح الشين المعجمة وتشديد النون- القربة البالية .

التالي السابق


الخدمات العلمية