صفحة جزء
2914 [ ص: 443 ] ص: حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا زهير ، قال : ثنا أبو إسحاق ، عن علقمة بن قيس ولم يسمعه منه : " أن عبد الله بن مسعود أتى أبا موسى الأشعري ، فحضرت الصلاة فقال أبو موسى : تقدم يا أبا عبد الرحمن ، فإنك أقدم سنا وأعلم ، فقال : تقدم فإنما أتيناك في منزلك ومسجدك فأنت أحق ، فتقدم أبو موسى ، فخلع نعليه ، فلما سلم قال : ما أردت إلى خلعهما ؟ أبالواد المقدس طوى أنت ؟! لقد رأينا رسول الله - عليه السلام - يصلي في الخفين والنعلين " .


ش: أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي شيخ البخاري ، وزهير هو ابن معاوية بن حديج روى له الجماعة ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي روى له الجماعة ، ولم يسمع أبو إسحاق من علقمة بن قيس فيكون الحديث منقطعا ، ويقال : سمع منه فيكون متصلا .

وأخرجه أحمد في "مسنده " : ثنا حسن بن موسى ، ثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن علقمة بن قيس ولم يسمعه منه . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي ، غير أنه ليس في روايته لفظة "طوى " .

قوله : "ما أردت إلى خلعهما " كلمة "إلى " ها هنا مرادف "اللام " نحو الأمر إليك ، ويجوز أن تكون لانتهاء الغاية على أصلها نحو قولهم : " أحمد إليك الله سبحانه " أي أنهي حمده إليك ، والمعنى ها هنا : لأي شيء تنهي قصدك إلى خلعهما .

قوله : "أبالواد المقدس " إنكار منه على خلعه نعليه ، على سبيل التعجب ، أي : هل أنت في الواد المقدس حتى تخلع نعليك ؟! أراد أن الله تعالى أمر موسى - عليه السلام - بخلع نعليه بالواد المقدس وأنت لست هناك حتى تخلعهما ; وذلك لأن موسى عليه - عليه السلام - أمر بخلع النعلين ليباشر الوادي بقدميه متبركا به ، وقيل : لأن الحفوة تواضع لله ومن ثم طاف السلف بالكعبة حافين ، ومن ذلك استعظم بعضهم دخول المسجد بنعليه ، وكان إذا وقع منه الدخول منتعلا تصدق ، والمقدس معناه المطهر ، من [ ص: 444 ] القدس وهو الطهر ، ومنه قيل للجنة : حظيرة القدس ، وروح القدس : جبريل - عليه السلام - ، والتقديس : التطهير ، وتقدس أي : تطهر ، والأرض المقدسة : المطهرة ، وهي أرض بيت المقدس ، وقيل : الشام ، وقيل : الطور وما حوله ، وقيل : فلسطين ودمشق وبعض الأردن ، والمراد بالواد المقدس هو وادي الطور .

قوله : "طوى " أي طوي مرتين ، أي : قدس ، وقال الحسن : نبتت فيه البركة والتقديس مرتين . وقال الزمخشري في قوله تعالى : إنك بالواد المقدس طوى طوى بالضم والكسر منصرف وغير منصرف بتأويل المكان والبقعة ، وقيل : مرتين نحو ثنى ، أي : نودي نداءين ، أو قدس الوادي كرة بعد كرة ، قال الجوهري : "طوى " اسم موضع بالشام تكسر طاؤه وتضم ، ويصرف ولا يصرف ، فمن صرفه جعله اسم واد ومكان وجعله نكرة ، ومن لم يصرفه جعله بلدة وبقعة وجعله معرفة .

ويستفاد منه : جواز الصلاة في النعلين وفي الخفين ، وأن الأحق بالإمامة أسن القوم وأعلمهم ، وأن صاحب المنزل أولى بالإمامة من غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية