صفحة جزء
2955 [ ص: 482 ] ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله- : فذهب قوم إلى هذا الحديث وأباحوا الصدقة على بني هاشم .


ش: أراد بالقوم هؤلاء : طائفة من المالكية وأبا حنيفة في رواية وبعض الشافعية ; فإنهم أباحوا الصدقة على بني هاشم ، واحتجوا في ذلك بالحديث المذكور .

وممن قال بقولهم أبو بكر الأبهري من المالكية ، وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية .

وتحرير هذه المسألة أن نقول : لا خلاف في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة ; لقوله - عليه السلام - : "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس " .

رواه مسلم .

وعن أبي يوسف والإصطخري والقاضي يعقوب وأبي البقاء من الحنابلة : إن منعوا الخمس أخذوا الزكاة .

وروى أصبغ عن ابن القاسم قال : لا تحل لهم الصدقات الواجبة ولا يحل لهم التطوع .

وعنهم : تحل لهم كلها فرضها ونفلها .

وأما الهاشمي إذا دفع زكاته إلى هاشمي مثله يجوز عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف .

وكذلك يجوز صرف صدقة التطوع إليهم على وجه الصلة ، وعن مالك : لا يجوز ، وكذا عن بعض الحنابلة .

وجزم في "الروضة " بتحريم النفل على بني هاشم ومواليهم ، وأن النذور والكفارات كالزكاة ، وإن حرمت صدقة التطوع على بني هاشم ، فالنبي - عليه السلام - أولى . [ ص: 483 ] وأما بنو عبد المطلب فيجوز لهم أخذ الزكاة عندنا . وهو رواية عن أحمد ، وعنه : لا يجوز . نقلها عبد الله بن أحمد .

وأما موالي بني هاشم فكذلك تحرم عليهم الزكاة . وعن الشافعي في قول ومالك في رواية تجوز ، وعن الشافعي كقولنا .

وقال ابن قدامة في "المغني " : لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة ، ولا لمواليهم ، وقال أكثر العلماء : تجوز ; لأنهم ليسوا بقرابة النبي - عليه السلام - ، فلم يمنعوا الصدقة كسائر الناس ، ولأنهم لم يعوضوا عنها بخمس الخمس ، فإنهم لا يعطون منه .

فأما بنو المطلب فهل لهم الأخذ من الزكاة ؟ على روايتين :

إحداهما : ليس لهم ذلك .

والرواية الثانية : لهم الأخذ منها ، وهو قول أبي حنيفة .

وقال عياض في "شرح مسلم " : اختلف العلماء في الصدقة المحرمة على آل النبي - عليه السلام - ، فقيل : الفريضة فقط ، وهو قول مالك ، وكثير من أصحابه ، وأحد قولي أبي حنيفة .

وقال أبو حنيفة أيضا : إنها كلها حلال لبني هاشم وغيرهم ، وإنما كان ذلك محرما عليهم إذا كانوا يأخذون سهم ذوي القربى ، فلما قطع عنهم ، حلت لهم ، ونحوه عن الأبهري من شيوخنا ، وروي عن أبي يوسف أنها حرام عليهم من غيرهم حلال لهم صدقة بعضهم على بعض .

وحكى ابن القصار عن بعض أصحابنا أنها تحرم عليهم في التطوع دون الفريضة ; لأنها لا منة فيها . [ ص: 484 ] واختلف من هم آل محمد - عليه السلام - ؟ فقال مالك وأكثر أصحابه : هم بنو هاشم خاصة .

ومثله عن أبي حنيفة ، واستثني آل أبي لهب . وقال الشافعي : هم بنو هاشم ، ويدخل فيه بنو المطلب أخي هاشم دون سائر بني عبد مناف .

وفي "الحاوي في فقه أحمد " ولا لبني هاشم يعني : ولا يجوز دفع الزكاة لبني هاشم وإن منعوا الخمس وعندي إن منعوا الخمس جاز ، ولا لمواليهم ولا أولاد بناتهم ، وفي بني المطلب روايتان . ولهم الأخذ من صدقة التطوع في أصح الروايتين .

وقال ابن شاس في "الجواهر " : وإذا قلنا بأنهم لا يعطون أي بأن آل الرسول - عليه السلام - ، فمن هم ؟ لا خلاف في عد بني هاشم وعدم عد من فوق ببني غالب ، وفي عد من بنيهما خلاف عدهم أشهب واقتصر ابن القاسم على بني هاشم .

واختلف أيضا في إعطاء مواليهم منها ، فأجازه ابن القاسم ومنعه مطرف وابن الماجشون وابن نافع وأصبغ وابن حبيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية