صفحة جزء
156 ص: قال أبو جعفر: : وليس في هذا الحديث عندنا دليل أن فرض الرجلين هو المسح; لأن فيه أنه قد مسح وجهه، وكأن ذلك المسح هو غسل فكذلك يحتمل أن يكون مسحه لرجليه كذلك.


ش: أشار بهذا إلى أن احتجاج من يذهب إلى أن وظيفة الرجلين المسح بهذا الحديث غير صحيح; لأنه ليس فيه ذلك على [الإطلاق] ألا ترى أنه قال فيه: "فمسح بوجهه" ولم يكن ذلك إلا غسلا; لأنهم قائلون أيضا أن الوجه لا يمسح، ولا اليدين، فكذلك يكون معنى المسح في الرجلين الغسل.

فإن قيل: سلمنا أن المراد بالمسح الغسل في الوجه واليدين، ولكن لا نسلم ذلك في الرجلين، فإن قوله: "ومسح برأسه ورجليه" قرينة تدل على أن المراد من المسح في الرجلين هو خلاف الغسل بقرينة ذكر الرأس; لأن وظيفتها المسح بالإجماع، ويدل عليه أيضا ما روي عن عكرمة : "غسلتان ومسحتان" وأراد بالغسلتين غسل الوجه، وغسل اليدين، وأراد بالمسحتين مسح الرأس، ومسح الرجلين.

قلت: ولئن سلمنا ذلك فهذا كان في وضوء متطوع به، لا في وضوء واجب عليه من الحدث الذي يوجب الوضوء، وذلك لقوله - رضي الله عنه -: "وهذا وضوء من لم [ ص: 307 ] يحدث".

وقال البيهقي : وفي هذا الحديث دلالة على أن الحديث الذي روي عن النبي - عليه السلام - في المسح على الرجلين -إن صح- فإنما عنى به وهو طاهر غير محدث إلا أن بعض الرواة اختصر الحديث فلم ينقل قوله: "هذا وضوء من لم يحدث".

التالي السابق


الخدمات العلمية