صفحة جزء
3005 ص: قال أبو جعفر -رحمه الله- : فذهب قوم إلى أن الصدقة لا تحل لذي المرة السوي وجعلوه فيها كالغني ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار .


ش: أراد بالقوم هؤلاء : الشافعي وأحمد في رواية وإسحاق وبعض المالكية وأبا عبيد القاسم بن سلام ; فإنهم قالوا : ذو المرة السوي كالرجل الغني في حرمة الصدقة عليهما .

واحتجوا في ذلك بهذه الأحاديث المذكورة .

[ ص: 11 ] وقال عياض : قيل : الشاب القوي على الكسب أنه لا يحل له أخذ الصدقة ولا يجزئ وهو قول بعض أصحابنا ، وقاله الشافعي وفقهاء أصحاب الحديث ، وقال الترمذي : من ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فالصدقة عليه حرام . وبه يقول الثوري وعبد الله بن المبارك وأحمد وإسحاق .

وقال قوم : إذا كان عنده خمسون درهما أو أكثر وهو محتاج فله أن يأخذ من الزكاة .

وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم والفقه .

وفي "المغني" واختلف العلماء في الغنى المانع من أخذها . ونقل عن أحمد فيه روايتان :

إحداهما : وهي أظهرهما : ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب ، أو وجود ما تحصل به الكفاية على الدوام من كسب أو تجارة أو أجر عقار ، أو نحو ذلك ولو من العروض ، أو الحبوب أو السائمة أو العقار ، ما لا تحصل به الكفاية لم يكن غنيا وإن ملك نصابا .

هذا الظاهر من مذهبه ، وهو قول الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق .

والرواية الثانية : أن الغنى ما تحصل به الكفاية ، فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا ، وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصابا والأثمان وغيرها في هذا سواء .

وهذا اختيار أبي الخطاب وابن شهاب العكبري ، وقول مالك والشافعي .

وقال الحسن وأبو عبيد : الغنى ملك أوقية وهي أربعون درهما .

وقال ابن حزم في "المحلى" : من كان له مال مما تجب فيه الزكاة كمائتي درهم أو أربعين مثقالا أو خمس من الإبل أو أربعين شاة أو خمسين بقرة ، أو أصاب خمسة أوسق من بر أو شعير أو تمر وهو لا يقوم معه بعولته لكثرة عياله ، أو لغلاء السعر فهو مسكين يعطى من الصدقة المفروضة ، ويؤخذ منه فما وجبت فيه من ماله .

[ ص: 12 ] وروينا عن الحسن أنه يعطى من الصدقة الواجبة من له الدار والخادم إذا كان محتاجا . وعن إبراهيم نحو ذلك ، وعن سعيد بن جبير : يعطى منها من له الفرس والدار والخادم . وعن مقاتل بن حيان : يعطى منها من له العطاء في الديوان وله فرس .

التالي السابق


الخدمات العلمية