صفحة جزء
3018 ص: وقد روي عن أنس ، عن النبي - عليه السلام - في هذا المعنى ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : ثنا الأخضر بن عجلان ، عن أبي بكر الحنفي ، عن أنس بن مالك ، أن رجلا من الأنصار أتى النبي - عليه السلام - فسأله ، فقال : إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث : لغرم موجع ، أو دم مفظع ، أو فقر مدقع" .

قال أبو جعفر -رحمه الله- : وكل هذه الأمور مما لا بد منه ، فقد دخل ذلك أيضا في معنى حديث سمرة .


ش: أي : قد روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - في معنى حديث سمرة ، لأن الأشياء الثلاثة المذكورة في حديث أنس داخلة في قوله : "أو يسأل في أمر لا يجد منه بدا " في حديث سمرة ، غاية ما في الباب صرح في حديث أنس ببعض عم في حديث سمرة إما لكثرة وقوعها ، وإما لشدة أمرها أو نحو ذلك .

ثم إنه أخرج حديث أنس بإسناد حسن عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري شيخ البخاري ، عن الأخضر بن عجلان الشيباني البصري وثقه ابن معين ، وضعفه الأزدي ، وقال أبو حاتم : ليس بمشهور ، وروى له الأربعة .

عن أبي بكر الحنفي الكبير واسمه عبد الله ، وثقه ابن حبان ، وروى له الأربعة عن مالك بن أنس .

[ ص: 37 ] وأخرجه أبو داود مطولا : ثنا عبد الله بن مسلمة ، نا عيسى بن يونس ، عن الأخضر بن عجلان ، عن أبي بكر الحنفي ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : "أن رجلا من الأنصار أتى النبي - عليه السلام - يسأله فقال : أما في بيتك شيء ؟ قال : بلى ، حلس نلبس بعضه ونبتسط بعضه ، وقعب نشرب فيه من الماء . قال : ائتني بهما . فأتاه بهما ، فأخذهما رسول الله - عليه السلام - بيده وقال : من يشتري هذين ؟ قال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال من يزيد على درهم ؟ -مرتين أو ثلاثا- فقال رجل : آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري ، وقال : اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما فأتني بها . فأتاه بها ، فشد فيه رسول الله - عليه السلام - عودا بيده ، ثم قال : اذهب فاحتطب وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوما ، فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما ، فقال رسول الله - عليه السلام - : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع " .

وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه .

وقال الترمذي : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان .

قوله : "إلا لثلاث " أي : لثلاث خلال .

قوله : "لغرم موجع " الغرم -بضم الغين وسكون الراء- وهو الدين ونظير ذلك في الوزن العدم -بضم العين وسكون الدال- وهو الفقر ، وكذلك العدم -بفتحتين- وهما كالرشد والرشد والحزن والحزن .

[ ص: 38 ] وأما كون الغرم موجعا فظاهر ; لأن المديون دائما موجوع القلب .

قوله : "أو دم مفظع " من أفظع ، يقال : أفظعني الأمر إذا اشتد علي ، والأمر الفظيع هو الشديد والشنيع الذي جاوز المقدار ، وكون الدم فظيعا شديدا ظاهر .

قوله : "أو فقر مدقع " من أدقع من الدقع ، وهو الفقر الشديد ، وأصله من الدقعاء وهو التراب ، ومعناه : الفقر الذي يفضي به إلى التراب لا يكون عنده ما يقيه من التراب .

وقال ابن الأعرابي : الدقع : سوء احتمال الفقر .

التالي السابق


الخدمات العلمية