صفحة جزء
3033 ص: حدثنا فهد ، ثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، قال : حدثني شقيق ، عن عمرو بن الحارث ، عن زينب امرأة عبد الله .

قال : فذكرته لإبراهيم ، فحدثني إبراهيم ، عن أبي عبيدة ، عن عمرو بن الحارث ، عن زينب امرأة عبد الله مثله سواء .

قالت : "كنت في المسجد فرآني رسول الله - عليه السلام - في المسجد فقال : تصدقن ولو من حليكن ، وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها . قال : فقالت لعبد الله : سل رسول الله - عليه السلام - ، أيجزئ عني إن أنفقت عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة ؟ قال : سلي أنت رسول الله - عليه السلام - . فانطلقت إلى رسول الله - عليه السلام - فوجدت امرأة من الأنصار على الباب حاجتها .

مثل حاجتي فمر علينا بلال فقلت : سل لنا رسول الله - عليه السلام - هل يجزئ عني أن أتصدق على زوجي أو أيتام في حجري من الصدقة ؟ وقلنا : لا تخبر بنا .

قال : فدخل فسأله فقال : من هما ؟ قال : زينب . قال : أي الزنايب هي ؟ قال : امرأة عبد الله . قال : نعم
يكون لها أجر القرابة وأجر الصدقة "
.


ش: عمر بن حفص شيخ البخاري ومسلم .

وأبوه حفص بن غياث بن طلق النخعي قاضي الكوفة ، أحد أصحاب أبي حنيفة ، روى له الجماعة .

والأعمش هو سليمان بن مهران ، روى له الجماعة .

وشقيق هو ابن سلمة ، روى له الجماعة .

[ ص: 65 ] وعمرو بن الحارث بن المصطلق ، قال الترمذي : عمرو بن الحارث بن المصطلق ابن أخي زينب امرأة عبد الله قال : وقال أبو معاوية في حديثه : عمرو بن الحارث ، عن ابن أخي زينب وهو وهم ، والصحيح إنما هو عمرو بن الحارث ابن أخي زينب .

وقال ابن القطان : رواه حفص بن غياث في رواية وعبد الله بن هشام بن حسان العبدي فقالا : عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عمرو ، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله ، عن زينب . ثم قال : وقول الترمذي فيه عندي نظر ; لأن عمرو بن الحارث خزاعي ، وزينب امرأة عبد الله ثقفية ، فلا يتجه أن يكون ابن أخيها إلا لأم وشيء من ذلك لم يتحقق ، وتوهم حافظ في زيادة زادها لا معنى له إلا لو صرح الناس بمخالفته ، وهم لم يصرحوا وإنما سكتوا عن شيء جاء به هو ، وذكر الإسماعيلي أن رواية إبراهيم ، عن أبي عبيدة ، عن زينب ، تصحح رواية من لم يدخل بين عمرو بن الحارث وزينب ابن أخيها .

قلت : هذا يقوي ما قاله الترمذي ، فافهم .

وزينب امرأة عبد الله بن مسعود يقال : إن اسمها رائطة ، وقيل : ريطة بنت عبد الله بن معاوية الثقفية ، وقيل : إن رائطة لقب لها .

قوله : "قال : فذكرته لإبراهيم " أي : قال الأعمش : فذكرت الحديث لإبراهيم ابن يزيد النخعي "فحدثني إبراهيم ، عن أبي عبيدة " بضم العين ، وهو عامر بن عبد الله بن مسعود .

والحديث أخرجه البخاري : ثنا عمر بن حفص ، ثنا أبي ، عن الأعمش . . . إلى آخره نحوه سواء .

وأخرجه مسلم : ثنا حسن بن الربيع ، قال : ثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن الحارث ، عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال

[ ص: 66 ] رسول الله - عليه السلام - : "تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن . قالت : فرجعت إلى عبد الله فقلت : إنك لرجل خفيف ذات اليد ، وإن رسول الله - عليه السلام - قد أمرنا بالصدقة ، فائته فسله ، فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفته إلى غيركم .

قالت : فقال لي عبد الله : بل ائته أنت ، قالت : فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله - عليه السلام - حاجتي حاجتها . قالت : وكان رسول الله - عليه السلام - قد ألقيت عليه المهابة . قالت : فخرج علينا بلال - رضي الله عنه - فقلنا له : ائت رسول الله فأخبره أن امرأتين على الباب تسألانك : أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ ولا تخبره من نحن . قالت : فدخل بلال على رسول الله - عليه السلام - فأخبره أن امرأتين بالباب ، فقال : من هما ؟ قال : امرأة من الأنصار وزينب ، فقال رسول الله - عليه السلام - : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، فقال رسول الله - عليه السلام - : لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة "
.

وأخرجه الترمذي والنسائي مختصرا .

قوله : "ولو من حليكن " أي : ولو كانت الصدقة من حليكن ، الحلي -بضم الحاء وكسر وتشديد اللام- جمع حلي -بفتح الحاء وسكون اللام- وهو كل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة ، وأما الحلية فتجمع على حلى -بكسر الحاء وفتح اللام المخففة نحو لحية ولحى ، وربما ضم- وتطلق الحلية على الصفة أيضا .

قوله : "في حجرها " بفتح الحاء ، من حجر الثوب وهو طرفه المقدم ; لأن الإنسان يربي ولده في حجره ، والولي كذلك ; لأنه يقوم بأمره في حجره . قال الجوهري : حجر الإنسان وحجره -بالفتح والكسر- والجمع الحجور .

قوله : "أتجزئ عني " الهمزة فيه للاستفهام . أي : أيكفي عني ويغني عني الإنفاق عليك وعلى الأيتام من الصدقة ؟

[ ص: 67 ] قوله : "فوجدت امرأة من الأنصار " وهي أيضا اسمها زينب امرأة أبي مسعود الأنصاري .

واستفيد منه أحكام :

الأول : استدلت به جماعة على جواز دفع المرأة زكاتها لزوجها الفقير ، وسيجيء الكلام فيه مستقصى إن شاء الله .

الثاني : استدل به أصحابنا على وجوب الزكاة في الحلي ، وبه قال سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن سيرين وجابر بن زيد ومجاهد والزهري .

وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس .

وروي عن جابر بن عبد الله وعائشة وابن عمر في رواية أنهم لم يروا فيه الزكاة .

وإليه ذهب القاسم بن محمد والشعبي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق .

وقال الخطابي : الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها ، والأثر يؤيده ، ومن أسقطها ذهب إلى النظر ومعه طرف من الأثر ، والاحتياط أداؤها .

الثالث : استدل به أبو يوسف : أن من عال يتيما فجعل يكسوه ويطعمه وينوي به عن زكاة ماله يجوز ، وقال محمد : ما كان من كسوة يجوز ، وفي الطعام لا يجوز إلا ما دفع إليه . وقيل : لا خلاف بينهما في الحقيقة ; لأن مراد أبي يوسف ليس هو الطعام على طريق الإباحة بل على وجه التمليك .

ثم إن كان اليتيم عاقلا يدفع إليه ، وإن لم يكن عاقلا يقبض منه بطريق النيابة ، ثم يطعمه ويكسوه ; لأن قبض الولي كقبض الصبي لو كان عاقلا .

الرابع : فيه دليل على أن لا يمنع النساء من دخول المساجد .

الخامس : فيه أن الإمام يأمر النساء أيضا بإعطاء زكاتهن وصدقاتهن ، كما يأمر بذلك للرجال .

[ ص: 68 ] السادس : فيه أن النساء يجب عليهن السؤال عن أمور دينهن .

السابع : فيه أن الزوج يباح له أن يأذن لامرأته بالذهاب إلى أهل العلم لأجل الاستفتاء إن لم يقم هو به .

الثامن : فيه جواز إتيان النساء إلى أبواب العلماء لتعلم أمور الدين والاستفتاء فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية