صفحة جزء
3037 3038 3039 ص: حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا معلى بن أسد ، قال : ثنا عبد العزيز بن المختار ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الخيل فقال : هي لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ; فأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها . . . " .

حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله ، غير أنه قال : "ولم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها " فقط .

حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : ثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم . . . فذكر بإسناده مثله .


[ ص: 77 ] ش: هذه ثلاث طرق صحاح :

الأول : عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن معلى بن أسد العمي البصري شيخ البخاري والكجي ، عن عبد العزيز بن المختار الأنصاري الدباغ البصري روى له الجماعة ، عن سهيل بن أبي صالح روى له الجماعة البخاري مقرونا بغيره ، عن أبيه أبي صالح ذكوان الزيات روى له الجماعة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .

وأخرجه مسلم مطولا : عن محمد بن عبد الملك الأموي ، عن عبد العزيز بن المختار ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه . . . " الحديث .

وفيه : "وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها "
.

وأخرجه البزار أيضا مطولا جدا : ثنا أحمد بن أبان ، نا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من عبد لا يؤدي زكاة ماله إلا أتي به وبماله فأحمي عليه صفائح في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجبينه وظهره حتى يحكم الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار [ولا عبد لا يؤدي صدقة إبله إلا جيء به وبإبله على أوفر ما كانت فيبطح بقاع قرقر فتسير عليه كلما مضى أخراها رد أولاها حتى يحكم الله تعالى بين عباده في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ] ولا عبد لا يؤدي صدقة غنمه إلا أتي به وبغنمه على أوفر ما كانت فيبطح لها بقاع قرقر فتسير عليه كلما مضى عنه آخرها رد عليه أولاها تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ، حتى يحكم الله تبارك وتعالى بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار .

[ ص: 78 ] قالوا : يا رسول الله والخيل ؟ قال : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة .

والخيل لثلاثة : هي لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر .

أما التي هي له أجر فالذي يتخذها في سبيل الله ويعدها له هي له أجر لا يغيب في بطونها شيء إلا كتب له به أجر ، ولو عرض له مرج أو مرجان فرعاها فيه كتب له بما غيبت ، ولو استنت شرفا أو شرفين كتب له بكل خطوة أجر ، ولو عرض له نهر فسقاها كانت له بكل قطرة غيبت في بطونها منه أجر ، حتى إنه ذكر الأجر في أرواثها وأبوالها .

وأما التي هي ستر فالذي يتخذها تعففا وتجملا وتسترا ولا يحبس حق ظهورها وبطونها في يسرها وعسرها .

وأما التي هي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا ورئاء الناس ويبذخ عليها .

قالوا : يا رسول الله ، الحمر ؟ قال : ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
.

الثاني : عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ذكوان الزيات ، عن أبي هريرة .

وأخرجه مسلم : عن سويد بن سعيد ، عن حفص ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة نحوه مطولا وفيه : "وأما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر " .

الثالث : عن يونس أيضا ، عن عبد الله بن وهب ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة .

[ ص: 79 ] وأخرجه مسلم أيضا : عن يونس ، عن ابن وهب . . . إلى آخره نحوه .

وهذا الإسناد شارك الطحاوي فيه مسلما ; فإن كلا منهما أخرج عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن عبد الله بن وهب . . . إلى آخره .

وأخرجه البخاري أيضا .

قوله : "تكرما وتجملا " منصوبان على التعليل أي : لأجل التكرم والتجمل .

قوله : "ولا ينسى حق ظهورها وبطونها " تعلق به أبو حنيفة في إيجاب الزكاة في الخيل . وقال من لم ير فيها الزكاة : إن المراد بذلك الحمل عليها في سبيل الله ، وسيجيء الكلام فيه مستقصى .

قوله : "ولم ينس حق الله في رقابها " قال أبو عمر : للعلماء فيه ثلاثة أقوال :

قالت طائفة : معناه حسن ملكتها ، وتعهد شبعها ، والإحسان إليها ، وركوبها غير مشقوق عليها ، وخص رقابها بالذكر ; لأن الرقاب والأعناق تستعار كثيرا في مواضع الحقوق اللازمة والفروض الواجبة ، ومنه قوله تعالى ، : فتحرير رقبة مؤمنة

وقالت طائفة : معناه إطراق فحلها وإقفار ظهرها والحمل عليها في سبيل الله ، وإلى هذا ذهب ابن نافع .

وهذا مذهب من قال : هل في المال حقوق سوى الزكاة . وممن قال ذلك : مجاهد والشعبي والحسن .

وقالت طائفة : معناه الزكاة الواجبة فيها ، وهو قول أبي حنيفة وشيخه حماد بن أبي سليمان رحمهم الله .

قوله : "صفائح " جمع صفيحة ، من صفحت الشيء إذا بسطته .

[ ص: 80 ] و "القاع " : المستوي الواسع من الأرض ، وقد يجتمع فيه الماء ، وجمعه : قيعان . وقيل : هي أرض فيها رمل .

و"القرقر " : المستوي أيضا من الأرض المتسع ، فعلى هذا يكون ذكره للتأكيد .

و"العقصاء " : الملتوية القرنين .

و"الجلحاء " : التي لا قرن لها .

قوله : "ولو استنت " أي : جرت وقيل : لجت في عدوها إقبالا وإدبارا ، وقيل : الاستنان يختص بالجري إلى فوق ، وقيل : هو المرح والنشاط ، وقيل : استنت : رعت ، وقيل : الاستنان الجري بغير فارس .

والاستنان في غير هذا الموضع : الاستياك وهو دلك الأسنان وحكها بما يجلوها .

قوله : "شرفا أو شرفين " أي : شوطا أو شوطين ، وقيل : الشرف هنا ما علا من الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية