صفحة جزء
3039 ص: قال أبو جعفر رحمه الله : فذهب قوم إلى وجوب الصدقة في الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا وكان صاحبها يلتمس نسلها ، واحتجوا في إيجابهم الزكاة فيها بقول رسول الله - عليه السلام - : "ولم ينس حق الله فيها " .

قالوا : ففي هذا دليل أن لله فيها حقا وهو كحقه في سائر الأموال التي تجب فيها الزكاة .


ش: أراد بالقوم هؤلاء : إبراهيم النخعي ، وحماد بن أبي سليمان وأبا حنيفة وزفر بن الهذيل رحمهم الله ; فإنهم قالوا بوجوب الزكاة في الخيل المتناسلة ، واحتجوا على ذلك بقوله - عليه السلام - في الحديث المذكور : "ولم ينس حق الله فيها " ، فهذا دليل أن لله فيها حقا وهو كحقه في سائر الأموال الزكوية .

قال البيهقي : هذا لا يدل على الزكاة . وكذا قال الطحاوي على ما يجيء ; لأنه اختار قول من قال بعدم الوجوب فيها .

[ ص: 81 ] قلت : بل يدل عليها ظاهر قوله : "ولم ينس حق الله في رقابها " مع قرينة قوله في أول الحديث الصحيح : "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته " ، و "ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها " ، و "ما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها " .

وأيضا فغير الزكاة من الحقوق لا يختلف فيها حكم الحمير والخيل ، فافهم .

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه " بسند جيد : عن عمر - رضي الله عنه - ، عن النبي - عليه السلام - حديثا طويلا وفيه : "فلأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاء لها ثغاء ينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا فقد بلغت ، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي : يا محمد ، يا محمد ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئا . . . " الحديث .

وروي أنه ذكر بعيرا له رغاء ، فدل على وجوب الزكاة في هذه الأنواع وليس الذم لكونه غل الفرس أو لم يجاهد عليه ; لأن الغلول لا يختص بهذه الأنواع ، وترك الجهاد بنفسه يذم عليه أكثر مما يذم على تركه بفرسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية