صفحة جزء
3044 ص: وحجة أخرى : أنا رأينا رسول الله - عليه السلام - ذكر الإبل السائمة أيضا فقال : فيها حق ، فسئل عن ذلك الحق ما هو ؟ فقال : "إطراق فحلها ، وإعارة دلوها ، ومنيحة سمينها " .

حدثنا بذلك ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - عليه السلام - .

[ ص: 87 ] فلما كانت الإبل أيضا فيها حق غير الزكاة ، احتمل أن تكون كذلك الخيل .


ش: أراد بها الجواب الآخر عن الحديث المذكور ، بيانه : أن النبي - عليه السلام - ذكر الإبل السائمة أيضا فقال : فيها حق . ثم سئل عن ذلك الحق ما هو ؟ فقال : "إطراق فحلها . . . " إلى آخره .

فلما كان في الإبل حق سوى الزكاة ، فكذلك يحتمل أن يكون الحق الذي ذكر في الخيل هو غير الزكاة .

ثم إنه أخرج حديث جابر بإسناد صحيح ، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي البصري شيخ البخاري ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، عن جابر - رضي الله عنه - .

وأخرجه مسلم : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - عليه السلام - قال : " ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر ، تطؤه ذات الظلف بظلفها ، وتنطحه ذات القرن بقرنها ، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة القرن ، قلنا : يا رسول الله ، وما حقها ؟ قال : إطراق فحلها ، وإعارة دلوها ، ومنيحتها ، وجلبها على الماء ، وحمل عليها في سبيل الله . . . " الحديث .

قوله : "ذات الظلف " الظلف للغنم والبقر والظباء ، وهو ما هو منشق من القوائم .

قوله : "إطراق فحلها " وهو إعارتها للضراب ، لا يمنعه إذا طلبه ، ولا يأخذ عليه عسبا أي أجرا ، يقال : طرق الفحل الناقة ، فهي مطروقة ، وهي طروقة الفحل إذا حان لها أن تطرق ، وأطرقته أنا : أعرته لذلك ، إطراقا .

قوله : "ومنيحتها " المنيحة : المنحة وهي عند العرب على معنيين :

[ ص: 88 ] أحدهما : أن يعطي الرجل صاحبه صلة فتكون له .

والآخر : أن يمنحه ناقة أو شاة فينتفع بلبنها ووبرها زمانا ثم يردها ، وهو تأويل قوله في بعض الأحاديث : "المنحة مردودة " . والمنحة تكون في الأرض يمنحها الرجل أخاه ليزرعها ، ومنحة الورق هي القرض .

قال الفراء : يقال : منحته أمنحه وأمنحه .

وقال ابن دريد : أصل المنحة أن يعطي الرجل رجلا ناقة فيشرب لبنها أو شاة ، ثم صارت كله عطية منحة .

وقال غيره : ومنيحة اللبن أن يجعلها الرجل لآخر سنة .

قوله : "وجلبها على الماء " قيل : معناه أن يقربها للمصدق وييسر ذلك عليه بإحضارها على الماء ليسهل عليه تناول أخذ الزكاة منها ، وهو بسكون اللام ; لأنه مصدر من جلب يجلب جلبا . ويقال : كانت هذه الأشياء قبل فرض الزكاة ثم نسخت ، ويقال : هذه في موضع تتعين فيه المواساة .

التالي السابق


الخدمات العلمية