صفحة جزء
3085 ص: وخالفهم في ذلك آخرون ، فأوجبوا الصدقة في قليله وكثيره .


ش: أي : خالف القوم المذكورين جماعة آخرون ، وأراد بهم : مجاهدا وإبراهيم النخعي والزهري وحماد بن أبي سليمان وأبا حنيفة وزفر بن الهذيل رحمهم الله ; فإنهم أوجبوا الصدقة في قليل ما أخرجته الأرض وكثيره ، ولم يوقتوا فيها شيئا .

[ ص: 153 ] وقال أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا معتمر بن سليمان الرقي ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : "فيما أخرجت الأرض فيما قل منه أو كثر العشر أو نصف العشر " .

ثنا غندر ، عن شعبة ، عن حماد ، قال : "في كل شيء أخرجت الأرض العشر أو نصف العشر " .

ثنا وكيع ، عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم قال : "في كل شيء أخرجت الأرض زكاة ، حتى في عشر دستجات بقل دستجة بقل " .

ثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري : "أنه كان لا يوقت في الثمرة شيئا ، وقال : العشر أو نصف العشر " .

ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : "في كل شيء أخرجت الأرض زكاة " . انتهى .

وقال ابن المنذر : زعم علماء الأمصار أن الزكاة ليست بواجبة فيما دون خمسة أوسق ، إلا أن أبا حنيفة وحده ، قال : تجب في كل ما أخرجت الأرض من قليل أو كثير .

قلت : قوله : "إلا أن أبا حنيفة وحده " غير صحيح لما ذكرنا الآن عن مجاهد والنخعي والزهري وحماد مثل قوله .

وقال النووي : لا خلاف بين المسلمين أن لا زكاة فيما دون خمسة أوسق إلا ما قال أبو حنيفة وبعض السلف أنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره ، وهذا مذهب باطل منابذ لصريح الأحاديث الصحيحة .

[ ص: 154 ] قلت : الذي قاله باطل ، فعجبي منه كيف يتلفظ بهذا الكلام مع شهرته بالورع والديانة ، وكيف قد غفل عن مستندات هؤلاء من الأحاديث الصحيحة التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما على ما يجيء الآن إن شاء الله تعالى ; ولقد صدق من قال :

حفظت شيئا وغابت عنك أشياء

التالي السابق


الخدمات العلمية