صفحة جزء
3208 3209 3210 ص: حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله - عليه السلام - في سفر فرأى زحاما ، ورجل قد ظلل عليه فسأل : ما هذا ؟ فقالوا : صائم ، فقال رسول الله - عليه السلام - : ليس من البر أن تصوموا في السفر " .

حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا شعبة . . . فذكر بإسناده مثله .

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، قال : ثنا الأوزاعي ، عن يحيى قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، قال : ثنا جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : "مر النبي - عليه السلام - برجل في سفر في ظل شجرة يرش عليه الماء ، فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : صائم يا رسول الله ، قال : ليس من البر الصيام في السفر ، فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها " .


ش: هذه ثلاث طرق صحاح :

الأول : عن علي بن شيبة بن الصلت السدوسي . . . إلى آخره .

ورجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا ابن شيبة .

وأخرجه البخاري : ثنا آدم ، نا شعبة ، نا محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : سمعت محمد بن عمرو بن الحسن بن علي ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله - عليه السلام - في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : صائم ، فقال : ليس من البر أن تصوموا في السفر " .

[ ص: 325 ] وأخرجه مسلم : عن أبي بكر ، عن غندر ، عن شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ابن سعد ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : "كان رسول الله - عليه السلام - في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه ، فقال : ما له ؟ قالوا : رجل صائم ، فقال رسول الله - عليه السلام - : ليس من البر أن تصوموا في السفر " .

الثاني : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري وأبي داود ، عن شعبة . . . إلى آخره .

وأخرجه أبو داود : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : ثنا شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن -يعني : ابن أسعد بن زرارة - عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - : "أن رسول الله - عليه السلام - رأى رجلا يظلل عليه والزحام عليه ، قال : ليس من البر الصيام في السفر " .

الثالث : عن محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني السكري شيخ أبي داود والنسائي ، عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير الطائي . . . إلى آخره .

وأخرجه النسائي : أخبرني شعيب بن شعيب بن إسحاق ، قال : ثنا عبد الوهاب بن سعيد ، قال : ثنا شعيب ، عن الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : أخبرني محمد بن عبد الرحمن ، قال : أخبرني جابر بن عبد الله : "أن رسول الله - عليه السلام - مر برجل إلى ظل شجرة يرش عليه الماء ، قال : ما بال صاحبكم ؟ قالوا : يا رسول الله صائم ، قال : إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر ، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها " .

[ ص: 326 ] قوله : "ليس من البر " أي : ليس من الطاعة والعبادة أن تصوموا في حالة السفر ، و"البر " : بكسر الباء الإحسان أيضا ، ومنه بر الوالدين ، يقال : بر يبر فهو بار وجمعه بررة ، وجمع "البر " -بفتح الباء- أبرار ، والبر بالفتح بمعنى الجيد والخير ، ومنه قوله - عليه السلام - : "صلوا خلف كل بر وفاجر " ، ويجيء بمعنى العطوف ، وفي أسماء الله : البر : العطوف على عباده ببره ولطفه ، والبر والبار بمعنى ، وإنما جاء في اسم الله تعالى البر دون البار .

والبر -بالفتح- خلاف البر أيضا وجمعه برور ، ويقال : إن كلمة "من " في قوله : "ليس من البر " أي ليس البر ، كما في قولهم : ما جاءني من أحد ، أي : ما جاءني أحد .

قلت : لا خلاف في زيادة "من " في النفي ، وإنما الخلاف في الإثبات ، فأجازه قوم ، ومنعه آخرون .

قوله : "ورجل قد ظلل عليه " قيل : اسم هذا الرجل أبو إسرائيل ، ذكره الخطيب في كتاب "المبهمات " .

قوله : "أن تصوموا " في محل الرفع على أنه اسم "ليس " ، و"أن " مصدرية ، وتقديره : ليس من البر صومكم في السفر ، وإذا جعلنا "من " زائدة يكون البر هو اسم "ليس " وتكون "أن تصوموا " في محل النصب على الخبرية ، أي : ليس البر صومكم ، فافهم .

قوله : "يرش عليه " على صيغة المجهول في محل النصب على الحال .

قوله : "ما بال هذا ؟ " أي : ما شأنه وما حاله .

قوله : "صائم " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو صائم .

قوله : "برخصة الله " الرخصة في اللغة عبارة عن الإطلاق والسهولة والسعة ، ومنه رخص السعر إذا تراجع وخف على الناس ، واتسعت السلع وكثرت وسهل وجودها ، وفي الشريعة تنبئ عن معناها اللغوي ; إذ هي الأحكام الثابتة بناء على أعذار العباد تيسيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية