صفحة جزء
3319 ص: قال أبو جعفر -رحمه الله- فذهب قوم إلى كراهة الصوم بعد النصف من شعبان إلى رمضان ، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث .


ش: أراد بالقوم هؤلاء : الحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح وعبد الرحمن بن يعقوب المدني ; فإنهم قالوا بكراهة الصوم بعد النصف من شعبان ، واحتجوا فيه بظاهر الحديث المذكور ، وهو مذهب بعض أهل الظاهر ، وحمله ابن حزم على اليوم السادس عشر من شعبان .

وقال في "المحلى " : ولا يجوز صوم اليوم السادس عشر من شعبان أصلا ، ولا لمن صادف يوما كان يصومه ، ثم روى الحديث المذكور ، ثم قال : والعلاء ثقة روى عنه شعبة وسفيان الثوري ومالك وسفيان بن عيينة ومسعر بن كدام وأبو العميس ، وكلهم يحتج بحديثه ، فلا يضره غمز ابن معين له ، ولا يجوز أن يظن لأبي هريرة مخالفة ما روي عن النبي - عليه السلام - ، ثم قال : وقد كره قوم الصوم بعد النصف من شعبان جملة إلا أن الصحيح المتيقن من مقتضى لفظ هذا الخبر النهي عن الصوم بعد النصف

[ ص: 451 ] من شعبان ، ولا يكون الصيام في أقل من يوم ، ولا يجوز أن يحمل على النهي عن صوم باقي الشهر إذ ليس ذلك بينا ، ولا يخلو شعبان من أن يكون ثلاثين أو تسعا وعشرين ، فإن كان ثلاثين فانتصافه بتمام خمسة عشر يوما ، وإن كان تسعا وعشرين ، فانتصافه في نصف اليوم الخامس عشر ، ولم ينه إلا عن الصيام بعد النصف ، فجعل من ذلك النهي عن صيام السادس عشر بلا شك .

قلت : هذا كلام فيه تخبيط ، والنص صريح ينفي الصوم من بعد النصف إلى رمضان بقوله : حتى رمضان ، ثم يعتبر اليوم السادس عشر ، وتخصيصه بالنهي تحكم باطل ، وقول بلا دليل يقبله العقل ، فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية