صفحة جزء
3493 [ ص: 5 ] [بسم الله الرحمن الرحيم]

ص: كتاب مناسك الحج


ش: أي هذا كتاب في بيان مناسك الحج ، والمناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها ، وهو المتعبد ، ويقع على المصدر والزمان والمكان ، ثم سميت أمور الحج كلها مناسك الحج .

والمنسك : المذبح ، وقد نسك ينسك نسكا إذا ذبح .

والنسيكة : الذبيحة ، وجمعها نسك .

والنسك أيضا الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله تعالى ، والنسك : ما أمرت به الشريعة ، والورع : [ما] نهت عنه ، والناسك العابد ، وسئل ثعلب عن الناسك ما هو ؟ فقال : هو مأخوذ من النسيكة وهي سبيكة الفضة المصفاة ، كأنه صفى نفسه لله تعالى" .

وفي "المطالع" : المناسك مواضع متعبدات الحج .

والحج من حججت الشيء أحجه حجا ، إذا قصدته .

قال الزجاج في قوله تعالى ، : ولله على الناس حج البيت تقرأ بفتح الحاء وكسرها ، والأصل الفتح .

وقال الطبري : أكثر العرب يكسرون الحاء .

وقال ابن السكيت : بفتح الحاء : القصد ، وبالكسر : القوم الحجاج ، والحجة : الفعلة من الحج ، وبكسر الحاء : التلبية والإجابة .

[ ص: 6 ] وقال الأزهري : وأصل الحج من قولك : حججت فلانا أحجه حجا إذا عدت إليه مرة بعد أخرى ، فقيل : حج البيت ؛ لأن الناس يأتونه كل سنة ، ومنه قول المخبل السعدي :


وأشهد من عوف حلولا كثيرة . . . يحجون سب الزبرقان المزعفرا



يقول : يأتوه مرة بعد أخرى لسؤدده ، وسبه : عمامته .

وقال صاحب "العين" : السب : الثوب الرقيق ، وقيل : الخمار ، وقيل : غلالة رقيقة يمنية .

وذكره في "الدستور" في باب : السنن المكسورة .

والزبرقان : اسم القمر في الأصل ، ولقب به الحصين ؛ لصفرة عمامته .

وأما معنى الحج في الشرع : هو قصد إلى زيارة البيت الحرام بأفعال مخصوصة على وجه التعظيم ، وسببه البيت ؛ لأنه يضاف إليه ، ولهذا لا يجب (في العمر إلا مرة واحدة ؛ لأن السبب غير متكرر .

وذكر القرطبي أن الحج فرض سنة خمس من الهجرة ، وقيل : سنة تسع ، قال : وهو الصحيح .

وذكر البيهقي أنه كان سنة ست ، وفي حديث ضمام بن ثعلبة ذكر الحج ، وذكر محمد بن حبيب أن قدومه كان سنة خمس من الهجرة .

وقال الطرطوشي : وقد روي أن قدومه على النبي - عليه السلام - كان في سنة تسع .

وذكر الماوردي أنه فرض في سنة ثمان .

وقال (الطرطوشي وإمام الحرمين) : سنة تسع أو عشر ، وقيل : قبل هجرته - عليه السلام - ، وقيل : سنة سبع والله أعلم .

[ ص: 7 ] وفي بعض النسخ ذكر عقيب كتاب الصوم كتاب الحج ، وفي بعضها كتاب الجهاد والأول أصح ؛ لأن المناسبة تقتضي ذكر الحج مع الصلاة والزكاة والصوم لأنه من الخمس الذي بني الإسلام عليه ، وأما تأخيره عن الثلاثة فلما قلنا إن الصلاة ثانية الإيمان والزكاة ثالثته في الكتاب والسنة ، وإلا فالقياس كان يقتضي أن يتقدم الصوم على الزكاة ؛ لأن كلا من الصلاة والصوم عبادة بدنية صرفا ، والزكاة عبادة مالية صرفا ، ولما فرغ عن العبادات الغير [مركبة] شرع في بيان العبادة المركبة ؛ لأن الحج عبادة بدنية ومالية .

التالي السابق


الخدمات العلمية