صفحة جزء
3621 ص: قال أبو جعفر - رحمه الله - : فذهب قوم إلى هذه الآثار ، فقالوا : من لم يجد إزارا وهو محرم لبس سراويل ولا شيء عليه ، ومن لم يجد نعلين لبس خفين ولا شيء عليه .


ش: أراد بالقوم هؤلاء : الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وداود ؛ فإنهم قالوا : من لم يجد إزارا وهو محرم لبس سراويل ولا فدية عليه ، وكذا من لم يجد نعلين لبس خفين ولا شيء عليه ، واحتجوا في ذلك بالأحاديث المذكورة عن ابن عباس وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - .

وفي "شرح الموطأ" : واختلفوا إذا لم يجد إزارا هل له أن يلبس السراويل ؟ فكرهه مالك وأبو حنيفة ، وجعلا فيه الفدية إلا أن يشقه ويأتزر به ، وأجازه الشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وداود .

واختلفوا إذا لم يجد النعلين هل يلبس الخفين ولا يقطعهما ؟ فأجازه أحمد وطائفة من أهل العلم ، قال عطاء : في قطعهما فساد والله لا يحب الفساد ، ومنع ذلك أكثر أهل العلم حتى يقطعهما أسفل من الكعبين ، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري وإسحاق وجماعة من التابعين .

وقال ابن حزم : ومن وجد خفين ولم يجد نعلين فقد قال قوم : يلبسهما كما هما ولا يقطعهما ، وقال قوم : يشق السراويل فيأتزر بها ، واحتج من أجاز له لباس السراويل والخفين بحديث ابن عباس ، وقال بعضهم : قطع الخفين إفساد للمال .

[ ص: 127 ] وقد نهي عنه ، قال علي : حديث رسول الله - عليه السلام - لا يحل خلافه ، فيلبس السراويل كما هي ولا شيء في ذلك ، وأما الخفان فحديث ابن عمر فيه زيادة القطع - حتى يكونا أسفل من الكعبين - على حديث ابن عباس ، فلا يحل خلافه ولا ترك الزيادة . وعن سفيان ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم النخعي أنه قال : في المحرم لا يجد نعليه قال : "يلبس الخفين ويقطعهما حتى يكونا مثل النعلين" وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأبي سليمان ، وبه نأخذ .

وروينا عن عائشة أم المؤمنين والمسور بن مخرمة إباحة لبس الخفين بلا ضرورة للمحرم من الرجال ، وقال أبو حنيفة إن لم يجد إزارا لبس سراويل ، فإن لبسها يوما إلى الليل فعليه دم ، وإن لبسهما أقل من ذلك فعليه صدقة ، وإن لبس خفين لعدم النعلين يوما إلى الليل فعليه دم ، وإن لبسهما أقل من ذلك فصدقة ، وقال مالك : من لم يجد إزارا لبس سراويل وافتدى ، وإن لم يجد النعلين قطع الخفين أسفل من الكعبين ولبسهما ولا شيء عليه ، وقال محمد بن الحسن : يشق السراويل ولا شيء عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية