صفحة جزء
3653 3654 ص: وذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن المسيب قال : اجتمع علي وعثمان - رضي الله عنهما - بعسفان وعثمان ينهى عن المتعة ، . فقال له علي : - رضي الله عنه - : ما تريد إلى أمر فعله رسول الله - عليه السلام - تنهى عنه ؟ فقال : دعنا منك . فقال : إني لا أستطيع أن أدعك ، ثم أهل علي بن طالب بهما جميعا" . .


ش: أي ذكر هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه من أن التمتع أفضل ما رواه سعيد بن المسيب ، وأخرجه بإسناد صحيح .

وأخرجه البخاري : ثنا قتيبة بن سعيد ] ، ثنا حجاج بن محمد الأعور ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن المسيب قال : "اختلف علي وعثمان وهما [ ص: 168 ] بعسفان في المتعة ، فقال علي - رضي الله عنه - : ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله رسول الله - عليه السلام - ، فلما رأى ذلك علي منه أهل بهما جميعا" .

قوله : "بعسفان" أي في عسفان ، والباء للظرفية و "عسفان" بضم العين وسكون السين المهملتين : قرية جامعة بها منبر على ستة وثلاثين ميلا من مكة شرفها الله وقد مر الكلام فيه في كتاب الصوم .

قوله : "ثم أهل علي بهما جميعا" أي ثم أحرم علي بالعمرة والحج جميعا ، وهذا هو عين القران ، وذلك لأن من وجوه التمتع أن يتمتع الرجل بالعمرة إلى الحج ، وهو أن يجمع بينهما فيهل بهما في أشهر الحج أو غيرها ، يقول : لبيك بعمرة وحجة معا وهذا هو القران ، وإنما جعل القران من باب التمتع لأن القارن يتمتع بترك النصب في السفر إلى العمرة مرة وإلى الحج أخرى ويتمتع بجمعهما ولم يحرم لكل واحدة من مكانه ، وضم الحج إلى العمرة يدخل تحت قوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وهذا وجه من التمتع لا خلاف بين أهل العلم في جوازه ، وأهل المدينة لا يجيزون الجمع بين العمرة والحج إلا بسياق الهدي وهو عندهم بدنة لا يجوز دونها ، ومما يدل على أن القران تمتع : قول عمر - رضي الله عنه - : "إنما جعل القران لأهل الآفاق ، وتلا قول الله - عز وجل - : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " فمن كان من حاضري المسجد الحرام وتمتع أو قرن لم يكن عليه دم قران ولا تمتع .

وقال أبو عمر : التمتع بالعمرة إلى الحج على أربعة أوجه ، منها وجه واحد مجتمع عليه ، والأوجه الثلاثة مختلف فيها .

فأما الوجه المجتمع عليه فهو التمتع المراد بقول الله - عز وجل - : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وذلك أن يحرم الرجل بعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة وقيل : ذو الحجة كله . فإذا أحرم أحد [ ص: 169 ] بعمرة في أشهر الحج وكان مسكنه من وراء الميقات من أهل الآفاق ، ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ثم أقام حلالا بمكة إلى أن الحج منها في عامه ذلك قبل رجوعه إلى بلده ، أو قبل خروجه إلى ميقات أهل ناحيته فهو متمتع بالعمرة إلى الحج ، وعليه ما أوجب الله على من تمتع بالعمرة إلى الحج ، وذلك ما استيسر من الهدي ، وقد قيل : إن هذا الوجه هو الذي روي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود كراهيته ، أو قال أحدهما : يأتي أحدكم منى وذكره يقطر منيا ؟ ! .

وقد أجمع المسلمون على جواز هذا ، وقد قال جماعة من العلماء : إنما كرهه عمر لأنه أحب أن يزار البيت في العام مرتين : مرة للحج ، ومرة للعمرة ، ورأى الإفراد أفضل ، فكان يأمر به ويميل إليه وينهى عن غيره استحبابا ، ولذلك قال : افصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم .

وأما الوجه الثاني : فهو القران ، وهو الذي ذكرناه آنفا ، وذلك لأن القارن يتمتع بسقوط سفره الثاني ، فالقران والتمتع يتفقان في هذا المعنى ويتفقان عند أكثر العلماء في الهدي ، والصيام لمن لم يجد .

وأما الوجه الثالث : فهو فسخ الحج في عمرة ، وجمهور العلماء يكرهونه وسيأتي الكلام فيه .

وأما الوجه الرابع : فهو ما قاله ابن الزبير وهو يخطب : أيها الناس ، إنه والله ليس المتمتع بالحج إلى العمرة ما تصنعون ، ولكن المتمتع بالعمرة إلى الحج أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج ، فيأتي البيت فيطوف ويسعى ويحل ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل ثم يحج ويهدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية