صفحة جزء
3656 3657 ص: حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب ، أنه حدثه : "أنه سمع سعد بن أبي وقاص ، والضحاك بن قيس ، عام حجة معاوية بن أبي سفيان ، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، . فقال الضحاك : : ( لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى ، فقال سعد : : ( بئس ما قلت يا ابن أخي ، فقال الضحاك : : ( فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد صنعها رسول الله - عليه السلام - فصنعاها معه" .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا بشر بن عمر ، قال : ثنا مالك . . . ، فذكره بإسناد مثله .


ش: هذا طريقان رجالهما رجال الصحيح كلهم ما خلا ابن مرزوق .

وأخرجه النسائي والترمذي : كلاهما عن قتيبة عن مالك نحوه .

قوله : "لا يصنع ذلك" أي التمتع إلا من لم يدر أمر الله تعالى .

قوله : "فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك" أي عن التمتع ، زعم جماعة من العلماء أن المتعة التي نهى عنها عمر - رضي الله عنه - وضرب عليها هي فسخ الحج إلى العمرة ، فأما التمتع بالعمرة إلى الحج فلا .

[ ص: 171 ] وزعم آخرون أنه إنما نهى عمر عنها لينتجع البيت مرتين أو أكثر في العام ، وقال آخرون : إنما نهى عنها لأنه رأى الناس مالوا إلى التمتع ليسارته وخفته ، فخشي أن يضيع الإفراد والقران ، وهما سنتان للنبي - عليه السلام - ، وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها ، فقيل له : إنك لتخالف أباك ، فقال ابن عمر : لم يقل الذي تقولون ، إنما قال : أفردوا الحج والعمرة ، فإنه أتم للعمرة . أي أن العمرة لا تتم في شهور الحج إلا بهدي ، وأراد أن يزار البيت في غير شهور الحج ، فجعلتموها أنتم حراما وعاقبتم الناس عليها ، وقد أحلها الله ، وعمل بها رسول الله - عليه السلام - ، فإذا أكثروا عليه [قال : ] كتاب الله بيني وبينكم ، كتاب الله أحق أن يتبع أم عمر - رضي الله عنه - ؟ !

قوله : "قد صنعها رسول الله - عليه السلام - " أي قد صنع رسول الله المتعة بالعمرة إلى الحج ، واستدلت به أهل المقالة الثانية على أن التمتع أفضل من الإفراد والقران ، وقال أبو عمر : أما قول سعد : "قد صنعها رسول الله - عليه السلام - فصنعناها معه" فليس فيه دليل على أن رسول الله - عليه السلام - تمتع ، لأن رسول الله - عليه السلام - أفرد الحج ، ويحتمل أن يكون قوله : (صنعناها مع) رسول الله - عليه السلام - يعني أذن بها وأباحها وإذا أمر الرئيس بالشيء جاز أن يضاف ذلك إليه ، كما يقال : رجم رسول الله - عليه السلام - في الزنا ، وقطع في السرقة ونحو هذا ، ومن هذا المعنى قوله : ونادى فرعون في قومه أي أمر فنودي فافهم .

وفي "شرح الموطأ" لأبي حسن الأشبيلي : ولا يصح عندي أن يكون - عليه السلام - متمتعا إلا تمتع قران ، لأنه لا خلاف أنه - عليه السلام - لم يحل من عمرته حتى أمر أصحابه أن يحلوا ويفسخوا حجهم في عمرة ، وأنه قد أقام محرما من أجل هديه إلى يوم النحر ، وهذا حكم القارن لا المتمتع ، ثم إن فسخ الحج في العمرة خص به أصحاب رسول الله - عليه السلام - فلا يجوز اليوم أن يفعل ذلك عند أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم ، لقوله [ ص: 172 ] تعالى : وأتموا الحج يعني لمن دخل فيه ، وما أعلم من الصحابة من يجيز ذلك إلا ابن عباس وتابعه أحمد وداود دون سائر الفقهاء ولكنهم على أن فسخ الحج في العمرة خص به أصحاب رسول الله - عليه السلام - .

التالي السابق


الخدمات العلمية