صفحة جزء
3658 ص: حدثنا فهد ، قال : ثنا محمد بن سعيد ] ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن سليمان التيمي ، عن غنيم بن قيس ، قال : " سألت سعد بن مالك عن متعة الحج ، ، فقال : فعلناها وهو يومئذ مشرك بالعرش ، - يعني معاوية ، يعني عروش بيوت مكة" . )


ش: إسناده صحيح ، وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك الزاهد المشهور ، وسليمان التيمي هو ابن طرخان ، وغنيم بن قيس المازني الكعبي البصري أدرك النبي - عليه السلام - ، ولم يره ، روى له الجماعة سوى البخاري .

وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة .

وأخرجه مسلم : ثنا سعيد بن منصور وابن أبي عمر جميعا ، عن الفزاري - قال سعيد : نا مروان بن معاوية - قال : أنا سليمان التيمي ، عن غنيم بن قيس قال : "سألت سعد بن مالك [أبي] وقاص عن المتعة ، فقال : قد فعلناها ، وهذا يومئذ كافر بالعرش يعني بيوت مكة" .

وله في رواية : "يعني معاوية " وفي أخرى : "المتعة في الحج" .

قوله : "وهو يومئذ" أي معاوية بن أبي سفيان .

"يومئذ مشرك" أراد أنه لم يسلم بعد .

قوله : "بالعرش" بضم العين والراء جمع عريش وأراد عرش مكة وهي بيوتها ، وقال أبو عبيد : وسميت بيوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب وتظل عليها ، ويقال [ ص: 173 ] لها عروش ، فمن قال : عروش فواحدها عرش ، ومن قال : عرش فواحدها عريش ، مثل قليب وقلب ، وقال بعضهم : "كافر بالعرش" بفتح العين وسكون الراء وتأوله ، وهو تصحيف ، ثم إنه أراد بهذا الكلام أنهم تمتعوا قبل إسلام معاوية ، وقيل : أراد بقوله كافر الاختفاء والتغطي ، يعني أنه كان مختفيا في بيوت مكة ، والأول أشهر لأنه صرح في الرواية الأخرى : "وهو يومئذ مشرك" وقد قالوا : إن المراد بقوله : فعلنا متعة الحج وهو يومئذ مشرك هو إحدى العمرتين المتقدمتين : إما الحديبية ، وإما عمرة القضاء ، فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية معه وقد أسلم لأنها كانت بعد الفتح ، وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر ، وهذا ظاهر ، وقال القاضي : المراد بالمتعة المذكورة : الاعتمار في أشهر الحج والإشارة بذلك إلى عمرة القضاء لأنها كانت في ذي القعدة ، وقد قيل : إن في هذا الوقت كان إسلام معاوية ، والأظهر أنه من مسلمة الفتح . وأما غير هذه من عمرة الجعرانة وإن كانت أيضا في ذي القعدة ، فمعاوية كان أسلم ولم يكن مقيما بمكة ، وكان في عسكر النبي - عليه السلام - إلى هوازن في جملة أهل مكة ، وكذلك في حجة الوداع لم يكن معاوية ممن تخلف عن الحج مع النبي - عليه السلام - ولا تخلف عنه غيره ، إلا أن يكون أراد فسخ الحج في العمرة التي صنعها من قدم مع النبي - عليه السلام - ، فمعاوية أيضا لا يثبت أنه كان مقيما بمكة حينئذ ، وكيف وقد استكتبه النبي - عليه السلام - وكان معه بالمدينة ، فلم يكن حينئذ مقيما بمكة .

التالي السابق


الخدمات العلمية