صفحة جزء
3871 3872 3873 ص: حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا عثمان بن الهيثم ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، أن ابن عباس كان يقول : "لا يطوف أحد بالبيت حاج ولا غيره إلا حل به ، قلت له : من أين كان ابن عباس يأخذ ذلك ؟ قال : من قبل قول الله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق فقلت له : فإنما ذلك بعد المعرف ، ) . قال : كان ابن عباس يراه قبل المعرف وبعده ، قال : وكان ابن عباس يأخذها من أمر النبي - عليه السلام - أصحابه أن يحلوا في حجة الوداع ، قالها لي غير مرة" .

حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، أن عروة قال لابن عباس : " أضللت الناس يا ابن عباس . قال : وما ذاك يا عرية ؟ ؟ قال : تفتي الناس أنهم إذا طافوا بالبيت فقد حلوا ، وكان أبو بكر 5 وعمر - رضي الله عنهما - يجيئان ملبيين بالحج فلا يزالان محرمين إلى يوم النحر ؟ ! قال ابن عباس : : بهذا ضللتم ، أحدثكم عن رسول الله - عليه السلام - وتحدثوني عن أبي بكر 5 وعمر ، فقال عروة : : ( إن أبا بكر 5 وعمر كانا أعلم برسول الله منك" .

حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : ثنا شعبة ، قال : ثنا قتادة ، قال : سمعت أبا حسان الرقاشي : "أن رجلا قال لابن عباس ، يا ابن عباس : ، ما هذه الفتيا التي قد تقشعت عنك أن من طاف بالبيت فقد حل ؟ ! ؟ قال : سنة نبيك وإن رغمتم" . .


[ ص: 413 ] ش: هذه ثلاث طرق صحاح :

الأول : عن محمد بن خزيمة ، عن عثمان بن الهيثم العصري العبدي البصري مؤذن الجامع بالبصرة وشيخ البخاري ، عن عبد الملك بن جريج المكي عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس .

وأخرجه مسلم : نا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أنا محمد بن بكر ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، قال : كان ابن عباس يقول : "لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حل ، قلت لعطاء : من أين يقول ذلك ؟ قال : من قول الله - عز وجل - ثم محلها إلى البيت العتيق قلت : فإن ذلك بعد المعرف ، فقال : كان ابن عباس يقول : هو بعد المعرف وقبله ؛ كان يأخذ ذلك من أمر النبي - عليه السلام - حين أمرهم أن يحلوا في حجة الوداع" .

قوله : "إلا حل" أي صار حلالا .

قوله : "بعد المعرف" يريد بعد الوقوف بعرفة ، وهو التعريف أيضا ، والمعرف في الأصل موضع التعريف ، ويكون بمعنى المفعول .

قلت : هو بضم الميم وفتح العين والراء ، وهو موضع الوقوف بعرفة ، والتعريف الوقوف بها .

قوله : "وكان ابن عباس يأخذها من أمر النبي - عليه السلام - " إلى آخره . أراد به نسخ الحج في العمرة ، وهذا لا يجوز عند جمهور العلماء من الصحابة وغيرهم .

قال ابن عبد البر : ما أعلم من الصحابة من يجيز ذلك إلا ابن عباس ، وتابعه أحمد وداود وسائر الفقهاء ، وكلهم قالوا على أن فسخ الحج في العمرة خص به أصحاب النبي - عليه السلام - .

[ ص: 414 ] الثاني : عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب السختياني ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة الأحول ، كان قاضيا لعبد الله بن الزبير ومؤذنا له .

وأخرجه أسد السنة في "مسنده" عن حماد نحوه .

الثالث : عن سليمان بن شعيب الكسائي ، عن عبد الرحمن بن زياد الرصافي الثقفي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ويقال : الأجرد واسمه مسلم بن عبد الله ، روى له الجماعة البخاري مستشهدا .

وأخرجه مسلم : ثنا محمد بن المثنى وابن بشار ، قال ابن مثنى : نا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة ، عن قتادة قال : سمعت أبا حسان الأعرج قال : قال رجل من بني الهجيم لابن عباس : "ما هذي الفتيا التي قد تشغفت أو تشغبت بالناس ؛ أن من طاف بالبيت فقد حل ؟ ! فقال : سنة نبيكم - عليه السلام - وإن رغمتم" وفي لفظ له : "إن هذا الأمر قد تقشع الناس" .

قوله : "قد تقشعت عنك" على وزن تفعلت بالقاف والشين المعجمة والعين المهملة ومعناه قد فشت وانتشرت عنك ، يقال له : تقشع له الولد إذا كثر وانتشر ، وقد يكون معناه : قد كسدت الناس عن المتعة ، قال الفراء : التقشع والقشاع الكسل ، وقد يكون معناه : أفسدت حال الناس بوقوع الخلاف بينهم ، من القشاع وهو نبات يلتوي على الثمار .

ثم هذه اللفظة هكذا وقعت أيضا في مسند ابن أبي داود وفي شهاب بن أبي شيبة من رواية همام عن عبادة ، وكذا في لفظ لمسلم وهو .

قوله : إن هذا الأمر قد تقشع الناس كما ذكرناه الآن ، وأما الذي وقع في روايته : "تشغفت" فهو بالشين والغين المعجمتين وبعدها الفاء ، وكذا وقع في رواية لابن أبي شيبة ، قال القاضي : هذه الرواية إن لم تكن وهما وظنا فمعناه : علقت بقلوب [ ص: 415 ] الناس وشغفوا بها ، وقد قال المفسرون في قوله : قد شغفها حبا أي علقها ، وأما اللفظة الثانية في رواية مسلم أيضا "أو تشعبت" فهي بالعين المهملة بعدها الباء الموحدة ، قال القاضي : وكذا رويناه عن الأسدي والتميمي من شيوخنا ، وعند غيرهما : أو تشغبت بالغين المعجمة ، وقد ذكر أبو عبيد هذا الحديث بهذا الحرف من غير شك ، وذكر الخلاف بهذين الوجهين في العين والغين عن رواية وأخبار : هو بالعين المهملة ، ومعنى هذا على رواية العين المهملة : فرقت الناس ، أو فرقت مذاهب الناس ، وبالمعجمة من التشغيب أي : خلطت عليهم أمرهم .

قوله : "وإن رغمتم" أي وإن كرهتم هذا الأمر ، فإنه سنة نبيكم - عليه السلام - ، من رغم يرغم من باب علم يعلم ، ورغم يرغم من باب فتح يفتح رغما ورغما ورغما ، وأرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب ، هذا هو الأصل ، ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره .

التالي السابق


الخدمات العلمية