صفحة جزء
3877 3878 3879 3880 3881 3882 3883 3884 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد بن موسى ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل المديني ، قال : ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : " دخلنا على جابر بن عبد الله ، فسألته عن حجة رسول الله - عليه السلام - ، فقال : إن رسول الله - عليه السلام - مكث تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس بالعاشرة : إن رسول الله - عليه السلام - حاج ، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - عليه السلام - ، فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة ، ، فصلى رسول الله - عليه السلام - في المسجد ، ثم ركب القصواء ، حتى إذا استوت به على البيداء ، [ ص: 421 ] ورسول الله - عليه السلام - بين أظهرنا ، عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ، ما عمل من شيء عملنا به ، فأهل بالتوحيد ، وأهل الناس بهذا الذي تهلون به ، لم يرد رسول الله - عليه السلام - عليهم شيئا ، ولزم رسول الله - عليه السلام - تلبيته - قال جابر : لسنا ننوي إلا الحج ، ، لسنا نعرف العمرة ، حتى إذا كنا آخر طواف على المروة قال : إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وجعلتها عمرة ، فمن كان ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة ، فحل الناس وقصروا إلا النبي - عليه السلام - ومن كان معه الهدي ، فقام سراقة بن مالك ، فقال : يا رسول الله عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد ؟ ؟ فقال : فشبك رسول الله - عليه السلام - أصابعه في الأخرى فقال : دخلت العمرة هكذا في الحج . مرتين ، فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - عليه السلام - ومن كان معه هدي" . .

وقول سراقة هذا للنبي - عليه السلام - وجواب النبي - عليه السلام - إياه يحتمل أن يكون أراد به : عمرتنا هذه في أشهر الحج للأبد ، أو لعامنا هذا ؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة فيما مضى في أشهر الحج ، ، ويعدون ذلك من أفجر الفجور ، فأجابه رسول الله - عليه السلام - فقال : هي للأبد .

حدثنا محمد بن خزيمة وفهد ، قالا : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، عن ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد . ... ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يذكر سؤال سراقة ولا جواب النبي - عليه السلام - إياه .

حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، عن قيس بن سعد ، عن عطاء ، عن جابر قال : "قدم رسول الله - عليه السلام - مكة لأربع خلون من ذي الحجة ، فلما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة ، ، قال رسول الله - عليه السلام - : اجعلوها عمرة ، فلما كان يوم التروية لبوا ، فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ، ولم يطوفوا بين الصفا والمروة" .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا إبراهيم بن بشار ، قال : ثنا سفيان ، قال : ثنا عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : " قدمنا مع رسول الله - عليه السلام - مكة ، صبيحة رابعة ، فأمرنا أن نحل ، فقلنا : أي حل يا رسول الله ؟ قال : الحل كله ، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل الذي تصنعون" . .

[ ص: 422 ] حدثنا محمد بن حميد الرعيني ، قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا موسى بن أعين ، عن خصيف ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : "لما قدمنا مع رسول الله - عليه السلام - مكة [ في] حجة الوداع سأل الناس : بماذا أحرمتم ؟ فقال أناس : أهللنا بالحج ، وقال آخرون : قدمنا متمتعين ، وقال آخرون : أهللنا بإهلالك يا رسول الله ، فقال لهم رسول الله - عليه السلام - : من كان قدم ولم يسق هديا فليحلل ؛ فإني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي حتى أكون حلالا ، فقال سراقة بن مالك : يا رسول الله ، عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟ فقال : بل للأبد" .

حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثنا الليث ، قال : حدثني ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : "أهل رسول الله - عليه السلام - وأهللنا معه بالحج خالصا ، حتى قدمنا مكة رابعة من ذي الحجة ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، ، ثم أمر رسول الله - عليه السلام - من لم يكن ساق هديا أن يحل ، قال : ولم يعزم في أمر النساء ، قال جابر : فقلنا : تركنا حتى إذا لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال أمرنا أن نحل فنأتي عرفات والمذي يقطر من مذاكيرنا ولم يحلل هو! وكان رسول الله - عليه السلام - قد ساق الهدي ، فبلغ قولنا رسول الله - عليه السلام - فقام فخطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر الذي بلغه من قولهم ، فقال : لقد علمتم أني أصدقكم وأتقاكم لله وأبركم ، ولولا أني سقت الهدي لحللت ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، قال جابر : سمعنا وأطعنا ، فحللنا" .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا مكي ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابرا وهو يخبر عن حجة النبي - عليه السلام - قال : " أمرنا بعد أن طفنا أن نحل ، وقال رسول الله - عليه السلام - : إذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى ، فأهلوا ، فأهللنا من البطحاء" . ) .

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : ثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، أنه سمعه يحدث عن جابر بن عبد الله ، قال : " أهللنا مع رسول الله - عليه السلام -

[ ص: 423 ] بذي الحليفة بالحج خالصا لا نخلطه بعمرة ، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فلما طفنا بالبيت ، وسعينا بين الصفا والمروة أمرنا رسول الله - عليه السلام - أن نجعلها عمرة وأن نحل إلى النساء ، فقلنا : ليس بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال ، فنخرج إليها وذكر أحدنا يقطر منيا فقال رسول الله - عليه السلام - : إني لأبركم وأصدقكم ، فلولا الهدي لحللت ، فقام سراقة بن : مالك ، فقال : يا رسول الله ، متعتنا هذه لعامنا هذا [أم للأبد] ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : بل لأبد الأبد" .


فكان سؤال سراقة لرسول الله - عليه السلام - المذكور في هذا الحديث إنما هو [على] المتعة ، أي أنا قد صارت حجتنا التي كنا دخلنا فيها أولا عمرة ، ثم قد أحرمنا بعد حلنا منها بحجة متمتعين بمتعتنا هذه لعامنا هذا خاصة فلا نفعل ذلك فيما بعد ، أم للأبد ؟ فنتمتع بالعمرة إلى الحج ، كما تمتعنا في عامنا هذا ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : بل للأبد . " . وليس ذلك على أن لهم فيما بعد أن يحلوا من حجة قبل عرفة ، لطوافهم بالبيت ، ولسعيهم بين الصفا والمروة ، وسنذكر عن رسول الله - عليه السلام - فيما بعد هذا من الباب ما يدل على أن ذلك الإحلال الذي كان منهم قبل عرفة خاصا لهم ليس لمن بعدهم ، ونصفه في موضعه إن شاء الله تعالى .


ش: هذه ثمان طرق صحاح :

الأول : أخرجه بعينه في باب ما كان النبي - عليه السلام - محرما في حجة الوداع بمتن مختصر .

وأخرجه مسلم مطولا سقناه بكماله هناك ، وأخرجه أيضا أبو داود وابن ماجه مطولا ، والنسائي مختصرا ، وفسرنا هناك أكثر ألفاظه .

[ ص: 424 ] قوله : "مكث تسع سنين" يعني في المدينة ، وقد روي "أنه - عليه السلام - حج على الفور ، وكان فرض الحج سنة تسع وقيل : خمس ، والأول أصح .

وأول من أقام للمسلمين الحج عتاب بن أسيد سنة ثمان ، ثم أبو بكر سنة تسع ، وحج - عليه السلام - سنة عشر ، وقد اختلفوا في حجة أبي بكر - رضي الله عنه - سنة تسع ، هل كانت حجة الإسلام بعد نزول فرضها وهو الأظهر ؛ لوقوف جميع الناس بعرفة ، ولإنذار علي - رضي الله عنه - فيها بمرأة ، وفيها ذكر النسيء وشرائع الحج ، وقيل : بل كانت على غير الفرض وعلى ما كانت عليه قبل الإسلام ، والأول أظهر .

قوله : "كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - عليه السلام - " دليل على أنهم كانوا كلهم حجاجا ؛ إذ كان - عليه السلام - أحرم بالحج لائتمامهم به ، وبعيد أن يخالفوه فيما أحرم به .

قوله : "فأهل التوحيد" إشارة إلى قوله : "لا شريك لك" ، ومخالفة لقول المشركين في تلبيتهم من الإشراك .

قوله : "لسنا ننوي إلا الحج ولا نعرف العمرة" استدل به من كان يذهب إلى أنه - عليه السلام - كان مفردا بالحج في حجة الوداع ، وأن الإفراد أفضل ، قلنا : لا يستلزم هذا الكلام كون النبي - عليه السلام - مفردا ؛ وذلك لأنهم لم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج ويعدونها من أفجر الفجور ، ففي الابتداء كان النبي - عليه السلام - محرما بحجة حين قدم مكة ثم فسخ ذلك بعمرة ، ثم أقام عليها على أنها عمرة ، وقد عزم على أن يحرم بعدها بحجة ، فكان في ذلك متمتعا ، ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة ، فصار قارنا بذلك . فهذا هو الوجه في التوفيق بين الروايات التي جاءت بأنه - عليه السلام - كان مفردا أو متمتعا أو قارنا ، فافهم فإنه مدرك دقيق .

قوله : "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي" هذا القول منه - عليه السلام - كان تطييبا لأنفسهم لما رأى من توقفهم عن الإحلال إذ لم يحل هو ، لما كانوا من التأسي به حتى لا يجدوا في أنفسهم أنه يأمرهم بخلاف ما يفعله في نفسه ، [ ص: 425 ] وفيه دليل على جواز الأمرين ، وأنه لولا ما سبق من سوقه - عليه السلام - الهدي لحل معهم إلا أن السنة فيمن ساق الهدي لا يحل إلا بعد بلوغ الهدي محله وهو محرم يوم النحر ، قال القاضي : فيه دليل على أنه - عليه السلام - كان مهلا بالحج ، وقال ابن قدامة : فيه دليل على فضل التمتع .

قلت : قال الطبري : إن جملة الحال له أنه لم يكن متمتعا ؛ لأنه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، ولا كان مفردا ؛ لأن الهدي كان معه واجبا وذلك لا يكون إلا للقارن .

قوله : "وليجعلها عمرة" أي وليجعل الحجة عمرة ، وهو فسخ الحج في العمرة ، وقد قلنا : إنه كان مخصوصا بهم ، وأنه لا يجوز اليوم إلا عند ابن عباس ، وبه قال أحمد وداود الظاهري .

قوله : "فقام سراقة . . . إلى آخره" قد بين الطحاوي معناه بقوله : "وقول سراقة هذا . . . إلى آخره" .

واحتجت الظاهرية بقوله - عليه السلام - لسراقة : "بل لأبد" في رواية أخرى على جواز فسخ الحج في العمرة .

قلنا : يحتمل أن يريد بقوله : "لأبد" الاعتمار في أشهر الحج لا فسخ الحج في العمرة ، واحتجوا على ذلك أيضا بقوله : "دخلت العمرة في الحج" أي جازت في أشهر الحج ؛ خلافا لما كانت الجاهلية تعتقده من عدم جوازها في أشهر الحج ، ويحتمل أن يكون دخولها في الحج في عمل القارن ، ويقال : معنى دخول العمرة في الحج سقوط وجوبها بوجوب الحج . والله أعلم .

الثاني : عن محمد بن خزيمة وفهد بن سليمان ، كلاهما عن عبد الله بن صالح وراق الليث وشيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه محمد الباقر ، عن جابر .

[ ص: 426 ] وأخرجه النسائي : أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب أنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : "أقام رسول الله - عليه السلام - تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس بالحج ، فلم يبق أحد يقدر أن يأتي راكبا أو راجلا إلا قدم ، فتدارك الناس ليخرجوا ، حتى جاء ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله - عليه السلام - فقال : اغتسلي واستثفري بثوب ، ثم أهلي ففعلت" مختصر .

الثالث : عن محمد بن خزيمة أيضا ، عن حجاج بن منهال الأنماطي شيخ البخاري ، عن حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد المكي مولى نافع بن علقمة - من رجال مسلم - عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر - رضي الله عنه - .

وأخرجه أبو داود : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا حماد ، عن قيس بن سعد ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر قال : "قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لأربع خلون من ذي الحجة ، فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة ، قال رسول الله - عليه السلام - : اجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي ، فلما كان يوم التروية أهلوا بالحج ، فلما كان يوم النحر قدموا فطافوا بالبيت ولم يطوفوا بين الصفا والمروة" .

قوله : "اجعلوها عمرة" أي اجعلوا الحجة عمرة ، وأراد به فسخ الحج في العمرة ، وسيجيء الجواب عنه إن شاء الله تعالى .

الرابع : عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن إبراهيم بن بشار الرمادي أبي إسحاق البصري شيخ أبي داود والبخاري في غير الصحيح ، عن سفيان بن عيينة . . . إلى آخره .

[ ص: 427 ] وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي بأسانيد مختلفة وألفاظ متباينة بزيادة ونقصان .

قوله : "صبيحة رابعة" أي ليلة رابعة من ذي الحجة .

قوله : "فأمرنا أن نحل" أراد به فسخ الحج في العمرة .

قوله : "الحل كله" بالنصب ، أي حلوا الحل كله .

الخامس : عن محمد بن حميد الرعيني ، عن علي بن معبد بن شداد ، عن موسى بن أعين الحراني الجزري ، روى له الجماعة سوى الترمذي ، عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وثقه يحيى وأبو زرعة والعجلي .

وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود بزيادة ونقصان .

قوله : "فقال أناس . . . إلى آخره" يدل على أن الصحابة الذين حجوا مع رسول الله - عليه السلام - كانوا على ثلاثة أحوال : صنف منهم كانوا مهلين بالحج ، وصنف كانوا مهلين بالتمتع ، وصنف كانوا مهلين كإهلال النبي - عليه السلام - وكان إهلالهم مبهما ، فأمر النبي - عليه السلام - لمن لم يسق الهدي أن يفسخ الحج في العمرة ولهذا أمرهم بالإحلال ، وأما الذين ساقوا الهدي فلم يحلوا إلا يوم النحر .

وبهذا الحديث استدل من يرى جواز الإحرام المبهم ، وهو الذي يعلقه بإحرام شخص ، وقد ذكرناه .

[ ص: 428 ] السادس : عن فهد بن سليمان ، عن عبد الله بن صالح شيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله .

وأخرجه مسلم : حدثني محمد بن حاتم ، قال : نا يحيى بن سعيد القطان قال : أنا ابن جريج قال : أخبرني عطاء ، قال : سمعت جابر بن عبد الله في ناس معي قالوا : "أهللنا أصحاب محمد - عليه السلام - بالحج خالصا وحده - قال عطاء : قال جابر - : فقدم النبي - عليه السلام - صبيح رابعة مضت من ذي الحجة ، فأمرنا أن نحل - قال عطاء : قال جابر - : حلوا وأصيبوا النساء - قال عطاء : ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم - فقلنا : لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني ، قال : يقول جابر بيده كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها ، قال : فقام النبي - عليه السلام - فينا فقال : قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم ، ولولا هديي لحللت كما تحلون ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، فحلوا ، فحللنا وسمعنا وأطعنا" .

قوله : "رابعة" أي صبيح رابعة كما هو كذلك في رواية مسلم .

قوله : "ولم يعزم في أمر النساء" يعني لم يعزم في وطء النساء ، وأما في الإحلال فكأنه عزيمة ، ومعنى لم يعزم : لم يؤكد .

قوله : "والمذي يقطر من مذاكيرنا" جملة حالية ، و "المذي" بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء : البلل الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء ، ولا يجب فيه الغسل ، وهو نجس يجب غسله ، وينقض الوضوء .

والمذاكير : جمع ذكر على خلاف القياس .

قوله : "ولم يحلل" بكسر اللام لأنه من حل يحل من باب ضرب يضرب ، وقد جاء بفك الإدغام ، وقد عرف أن هذا الباب يجوز فيه الإدغام والفك ، ويجوز في الإدغام فتح اللام الأخيرة ؛ لأنه أخف الحركات ، وكسرها لأن الساكن إذا حرك [ ص: 429 ] حرك بالكسر ، وفي نحو باب لم يمد تجوز فيه الأوجه الثلاثة مع الفك ، والضم لاتباع الميم .

قوله : "وأتقاكم" أي أخشاكم .

قوله : "وأبركم" أي أكثركم خيرا وبرا .

السابع : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن مكي بن إبراهيم البلخي شيخ البخاري ، عن عبد الملك بن جريج ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، عن جابر .

وأخرجه مسلم : حدثني محمد بن حاتم ، قال : نا يحيى بن سعيد القطان ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : "أمرنا رسول الله - عليه السلام - لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى ، قال : فأهللنا من الأبطح" .

قوله : "أن نحل" بفتح أن أي بأن نحل أي أمرنا بالإحلال بعد أن طفنا بالبيت وبالصفا والمروة .

قوله : "فأهللنا من البطحاء" أي فأحرمنا بالحج من بطحاء مكة .

الثامن : عن محمد بن عبد الله بن ميمون ، عن الوليد بن مسلم الدمشقي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر .

وأخرجه أبو داود : نا العباس بن الوليد بن مزيد ، قال : أخبرني أبي ، قال : ثنا الأوزاعي ، قال : حدثني من سمع عطاء بن أبي رباح ، قال : حدثني جابر بن عبد الله قال : "أهللنا مع رسول الله - عليه السلام - بالحج خالصا لا يخالطه شيء ، فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فطفنا وسعينا ، فأمرنا رسول الله - عليه السلام - أن نحل ، وقال : لولا الهدي لحللت ، فقام سراقة بن مالك فقال : يا رسول الله ، أرأيت متعتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فقال رسول الله - عليه السلام - : بل هي للأبد ، قال الأوزاعي : سمعت عطاء بن أبي رباح يحدث بهذا فلم أحفظه حتى لقيت ابن جريج فأثبته لي" .

[ ص: 430 ] وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه أيضا بأسانيد وألفاظ مختلفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية