صفحة جزء
3922 3923 [ ص: 473 ] ص: واحتج من ذهب أيضا في القارن أنه يطوف لعمرته وحجته طوافا واحدا بما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا عثمان بن الهيثم ، قال : ثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أن جابر بن عبد الله يقول : "دخل النبي - عليه السلام - على عائشة وهي تبكي ، فقال : ما لك تبكين ؟ قالت : أبكي لأن الناس حلوا ولم أحلل ، وطافوا بالبيت ولم أطف ، وهذا الحج قد حضر كما ترى ، فقال : هذا أمر كتبه الله تعالى على بنات آدم ، فاغتسلي وأهلي بالحج ثم حجي واقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ، ولا تصلي ، قالت : ففعلت ذلك ، فلما طهرت قال : طوفي بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ، ثم قد حللت من حجك وعمرتك ، فقلت : يا رسول الله إني أجد في نفسي من عمرتي أني لم أكن طفت حتى حججت ، فأمر عبد الرحمن ، فأعمرها من التنعيم" .

حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - عليه السلام - مثله .

قالوا : فقد أمرها النبي - عليه السلام - وهي محرمة بالعمرة والحجة أن تطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة ، ثم تحل ، فدل ذلك على أن حكم القارن في طوافه لحجته وعمرته هو كذلك ، وأنه طواف واحد لا شيء عليه من الطواف غيره .


ش: احتج أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه أيضا بحديث جابر ، وهو ظاهر .

قوله : "وقالوا" أي هؤلاء المحتجون بحديث جابر .

وأخرجه من طريقين صحيحين :

الأول : عن محمد بن خزيمة ، عن عثمان بن الهيثم بن جهم البصري شيخ البخاري ، عن عبد الملك بن جريج المكي ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري .

[ ص: 474 ] وأخرجه مسلم : حدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد - قال ابن حاتم : نا ، وقال عبد : أنا - محمد بن بكر ، قال : أنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : "دخل النبي - عليه السلام - على عائشة وهي تبكي . . . " الحديث .

الثاني : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن الليث بن سعد ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم ، عن جابر .

وأخرجه مسلم أيضا : ثنا قتيبة قال : ثنا الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر أنه قال : "أقبلنا مهلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحج مفردا ، وأقبلت عائشة بعمرة ، حتى إذا كنا بسرف عركت ، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة ، فأمرنا رسول الله - عليه السلام - أن يحل منا من لم يكن معه هدي ، قال : فقلنا : حل ماذا ؟ ! قال : الحل كله ، فواقعنا النساء ، وتطيبنا بالطيب ، ولبسنا ثيابنا ، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ، ثم أهللنا يوم التروية ، ثم دخل رسول الله - عليه السلام - على عائشة - رضي الله عنها - فوجدها تبكي ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت ، والناس يذهبون إلى الحج الآن ، فقال : إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ثم أهلي بالحج ، ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت وطافت بالكعبة والصفا والمروة ، ثم قال : قد حللت من حجك وعمرتك جميعا ، فقالت : يا رسول الله ، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ، قال : فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم ، وذلك ليلة الحصبة" .

وأخرجه أبو داود والنسائي أيضا ، كلاهما عن قتيبة ، عن الليث نحوه .

[ ص: 475 ] قوله : " هذا أمر كتبه الله على بنات آدم" . ظاهره العموم ، وهو يرد قول من قال : أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل . ويرد هذا أيضا ما قيل في قوله تعالى في قصة إبراهيم وهو جد بني إسرائيل وامرأته قائمة فضحكت قال أهل التفسير : أي حاضت ، وهو معروف في لغة العرب .

قوله : "غير أن لا تطوفي بالبيت" دليل على منع الحائض - وإن انقطع دمها - من دخول المسجد . وفيه تنزيه المساجد عن الأقذار والحائض والجنب .

قوله : "حتى إذا كنا بسرف" بفتح السين وكسر الراء المهملتين وفي آخره فاء ، وهو موضع من مكة على عشرة أميال .

قوله : "عركت" بفتح العين والراء المهملتين ، أي حاضت ، والعارك الحائض .

التالي السابق


الخدمات العلمية