صفحة جزء
3942 [ ص: 496 ] ص: باب: حكم الوقوف بمزدلفة


ش: أي هذا باب في بيان حكم الوقوف بمزدلفة ، هل هو واجب أم سنة ؟

والمزدلفة على وزن مفتعلة بكسر اللام من الازدلاف وهو الاجتماع ، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها ، وقيل : لاقتراب الناس فيها من منى ، والازدلاف : الاقتراب ، وقيل : للنزول بها بالليل في زلفة منه ، وقال الكلبي : سميت بذلك لأن الناس يدفعون منها زلفة جميعا ، يزدلفون منها إلى موضع آخر ، وحد المزدلفة ما بين مأزمي عرفة وقرن محسر يمينا وشمالا من الشعاب والجبال ، وقال أبو علي : آخر مزدلفة محسر ، وأول منى بطن محسر .

قلت : المأزم : المضيق من الجبال حيث يلتقي بعضها ببعض ، ويتسع ما وراءه ، والميم زائدة وكأنه من الأزم وهو القوة والشدة .

والمزدلفة لها اسمان آخران : جمع ، والمشعر الحرام ، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - : "المشعر الحرام هو المزدلفة كلها" ؛ وسمي جمعا لأن آدم وحواء صلوات الله عليهما وسلامه اجتمعا بها .

والمشعر الحرام بفتح الميم ، وقيل : إن أكثر العرب تقول : بكسر الميم ، وقال القتبي : لم يقرأ به أحد ، وذكر الهذلي أن أبا السمال أقرأه بالكسر ، قال الأزهري : سمي مشعرا لأنه معلم للعبادة ، وقال الكرماني : الأصح أن المشعر الحرام هي المزدلفة لا غير المزدلفة .

قلت : كلامه يشعر أن ثمة من يقول أن المشعر الحرام غير المزدلفة .

وفي "المطالع" : مزدلفة هي المشعر الحرام وتفتح ميم المشعر وتكسر أيضا في اللغة لا في الرواية . انتهى .

[ ص: 497 ] وعن قطرب : قالوا : مشعر بفتح الميم والعين ، ومشعر بكسر الميم وفتح العين ، ومشعر بالعكس ثلاث لغات .

وأما محسر فهو بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة المهملة ، وهو وادي بجمع ، وهو بين يدي موقف المزدلفة مما يلي منى وهو مسيل قدر رمية بحجر من المزدلفة ومنى . ذكره أبو عبيد .

وقال الطبري : محسر اسم فاعل من حسر بتشديد السين سمي بذلك ؛ لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي أعيى وذل عن السير .

قلت : هذا لا يصح ؛ لأن الفيل لم يدخل الحرم ؛ وقيل : لأنه يحسر سالكيه ويتعبهم ؛ ويسمى وادي النار لأن رجلا اصطاد فيه فنزلت نار فأحرقته ، واستحب الإسراع فيه لأنه كان موقفا للنصارى ، فاستحب رسول الله - عليه السلام - الإسراع فيه .

قلت : أبو السمال بفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخره لام - العدوي واسمه قعنب ، روى عنه أبو زيد النحوي حروفا في القراءات .

التالي السابق


الخدمات العلمية