صفحة جزء
4332 4333 4334 4335 ص: واحتجوا فيما ذكروا بهذا الحديث وبحديث أم سلمة -رضي الله عنها-.

حدثنا يونس ، قال: أنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال: " لما بنى رسول الله -عليه السلام- بأم سلمة ، قال لها: ليس [بك] على أهلك هوان؛ إن شئت سبعت لك وإلا فثلثت ثم أدور".

حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا مالك (ح).

وحدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا أخبره عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن هو ابن الحارث: "أن رسول الله -عليه السلام- حين تزوج أم سلمة ، فأصبحت عنده قال: ليس بك هوان على [ أهلك] إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت ثم درت [قالت]: ثلث". .

حدثنا أبو أمية ، قال: نا علي بن عبد الله بن جعفر ، قال: ثنا يحيى بن سعيد ، قال: ثنا سفيان ، قال: ثنا محمد بن أبي بكر ، قال: حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبيه ، عن أم سلمة: "أن النبي -عليه السلام- قال لأم سلمة حين تزوجها: ما بك [على أهلك] هوان، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي".

[ ص: 369 ] قالوا: فلما قال رسول الله -عليه السلام-: إن شئت سبعت لك، وإلا فثلثت ثم أدور، . دل ذلك أن الثلاث حق لها دون سائر النساء.


ش: أي أجمع هؤلاء القوم فيما ذكروا من الصورة بحديث أنس المذكور، واحتجوا أيضا بحديث أم سلمة، وأخرجه من أربع طرق الثلاثة الأولى مرسلة منقطعة:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المدني ، عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة قيل: اسمه محمد وقيل: اسمه كنيته، وهو الصحيح.

وهؤلاء كلهم رجال الصحيح.

وأخرجه مسلم أيضا منقطعا: نا عبد الله بن مسلمة، قال: ثنا سليمان -يعني ابن بلال- عن عبد الرحمن بن حميد ، عن عبد الملك بن أبي بكر ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن: "أن رسول الله -عليه السلام- حين تزوج أم سلمة فدخل عليها فأراد أن يخرج أخذت بثوبه، فقال رسول الله -عليه السلام-: "إن شئت زدتك وحاسبتك به، البكر سبع وللثيب ثلاث".

قوله: "ليس بك على أهلك هوان" معناه ليس يلحقك هوان ولا يتعلق بك بل يوفي حقك من المقام والتأنيس به، وذلك لما أخذت بثوبه -عليه السلام- حين أراد الخروج، فهم منها استقلال مقامه عندها والاستكثار منه، فبين لها ما لها وما عليها من ذلك، وأنه إن زادها على حقها وجب أن يزيد لنسائه فيطول عليها مغيبه، فآثرت القنوع بحقها من الثلاث ثم تعطي من بعدها أيامهن المعلومة ثم يرجع إليها فيقرب

[ ص: 370 ] رجوعه إليها ونوبتها منه، والمراد بأهلك هنا نفسه -عليه السلام-، أي: لا أفعل فعلا يظهر به هوانك علي أو تظنينه بي.

قوله: "إن شئت سبعت لك، وإلا فثلثت ثم أدور" وفي بعض طرقه: "إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث"، وفي بعض طرقه: "إن شئت أن أسبع لك وأسبع لنسائي وإن سبعت لك سبعت لنسائي".

قوله: "سبعت لك" أي أقمت عندك سبعا.

قوله: "فثلثت" أي أقمت عندك ثلاثا، وقد اشتقوا فعل من الواحد إلى العشرة، يقال: وحد وثنى وثلث وربع وخمس وسدس وسبع وثمن وتسع وعشر.

الثاني: عن صالح بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، عن مالك بن أنس ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث .

وأخرجه مالك في "موطئه" عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، عن أبيه: "أن رسول الله -عليه السلام- حين تزوج أم سلمة وأصبح عندها قال: ليس بك على أهلك هوان، "إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك ودرت؟ " فقالت: ثلث".

الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ... إلى آخره.

وأخرجه مسلم: نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن: "أن رسول الله -عليه السلام- حين تزوج

[ ص: 371 ] أم سلمة وأصبحت عنده فقال: ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وإن شئت ثلثت ثم درت؟ قالت: ثلث".


قال أبو عمر -رحمه الله-: هذا حديث ظاهر الانقطاع، وهو متصل بسند صحيح قد سمعه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن أم سلمة: "أن رسول الله -عليه السلام- قال لها: إن شئت سبعت لك وإن أسبع لك أسبع لنسائي".

قلت: هذا مما تتبعه الدارقطني على مسلم، وقال أبو عمر: من قال بحديث هذا الباب قال: إن أقام عند البكر أو الثيب سبعا أقام عند سائر نسائه سبعا، وإن أقام عندها ثلاثا أقام عند كل واحدة منهن ثلاثا ثلاثا، وتأولوا في قوله: "وإن شئت ثلثت ودرت" أي درت بثلاث ثلاث على سائرهن، وهو قول فقهاء الكوفيين، وفي هذا الباب عجب لأنه صار فيه أهل الكوفة إلى ما رواه أهل المدينة، وصار فيه أهل المدينة إلى ما رواه أهل البصرة.

الرابع: مسند متصل، عن أبي أمية محمد بن مسلم بن إبراهيم الطرسوسي ، عن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي شيخ البخاري وأبي داود ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان الثوري ، عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن أم سلمة زوج النبي -عليه السلام-.

وأخرجه مسلم: نا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن حاتم ويعقوب بن إبراهيم -واللفظ لأبي بكر- قالوا: نا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ... إلى آخره نحوه.

قوله: "وقالوا" أي القوم المذكورون إن قوله -عليه السلام-: و"إلا فثلثت ثم أدور" يدل أن الثلاث حق لها دون سائر النساء.

[ ص: 372 ] وقال عياض في قوله: "أدور" أو "درت" حجة لمن ذهب أن القسم لا يكون إلا يوما وإليه ذهب ابن المنذر، وهو قول مالك، وذهب الشافعي إلى جواز قسمه بينهن ثلاثا ثلاثا، ويومين يومين، ولم يختلفوا إذا كان القسم أكثر من يومين بتراضيهن أجمع أنه جائز.

التالي السابق


الخدمات العلمية