صفحة جزء
224 ص: وكان مما روي عن النبي - عليه السلام - ما يوافق ما ذهبوا إليه في ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد وابن جريج ، وابن سمعان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال: " ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة من الأنصار ومعه أصحابه، فقربت لهم شاة مصلية، فأكل وأكلنا ثم حانت [ ص: 375 ] الظهر، فتوضأ وصلى، ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل، ثم حانت العصر، فصلى ولم يتوضأ". .

قال أبو جعفر : -رحمه الله-: إنه صلى الظهر والعصر بوضوئه الذي كان في وقت الظهر.


ش: "ما يوافق" في محل الرفع لاستناد "روي" إليه.

وقوله: "ما حدثنا" اسم لكان وخبره "مما روي".

وقوله: "ما ذهبوا إليه" في محل النصب; لأنه مفعول "يوافق" أي ما يوافق ما ذهب إليه أكثر العلماء.

وقوله: "في ذلك" أي في أن الوضوء لا يجب إلا من حدث .

وإسناد الحديث المذكور صحيح على شرط مسلم ، وابن وهب هو عبد الله بن وهب ، وابن جريج هو عبد الملك بن جريج .

وابن سمعان هو عبد الله بن زياد بن سمعان ، كذبه أبو داود ، وتركه النسائي ، ولا يضر هذا صحة الإسناد; فإن ابن وهب رواه عن أسامة وابن جريج ، وهما كافيان لصحة الإسناد، ولا يلتفت إلى ابن سمعان بينهم.

وأخرجه الترمذي : ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، سمع جابر بن عبد الله -قال سفيان : وحدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر - قال: "خرج رسول الله - عليه السلام - وأنا معه، فدخل على امرأة من الأنصار ، فذبحت له شاة فأكل، وأتته بقناع من رطب فأكل منه، ثم توضأ للظهر وصلى ثم انصرف، فأتته بعلالة من علالة الشاة فأكل، ثم صلى العصر ولم يتوضأ" .

وأخرجه البيهقي في "سننه" نحو رواية الطحاوي ، وقال النووي في شرح المهذب: إسناد هذا الحديث صحيح على شرط مسلم .

[ ص: 376 ] وأخرج أبو داود : ثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي ، قال: نا حجاج ، قال: نا ابن جريج ، أخبرني محمد بن المنكدر ، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: "قربت للنبي - عليه السلام - خبزا ولحما، فأكل، ثم دعى بوضوء فتوضأ، ثم صلى الظهر، ثم دعى بفضل طعامه فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ" .

قوله: "إلى امرأة من الأنصار " هي عمرة بنت حزم أخت عمرو بن حزم ، قاله ابن منده وأبو عمر ، وقال أبو نعيم : عمرة بنت حزام ، وكانت تحت سعد بن الربيع ، فقتل عنها يوم أحد. وقال ابن الأثير : روى يحيى بن أيوب ، عن محمد بن ثابت البناني ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن عمرة بنت حزم : "أنها جعلت النبي - عليه السلام - في صور نخل كنسته ورشته، وذبحت له شاة، فأكل منها وتوضأ وصلى الظهر، ثم قدمت له من لحمها فأكل وصلى العصر ولم يتوضأ" رواه أبو نعيم ، عن الطبراني ، عن يحيى بن عثمان بن صالح ، عن عمرو بن الربيع بن طارق ، عن يحيى بإسناده، وقال: عمرة بنت حزام .

ورواه ابن منده بإسناده: عن محمد بن إسحاق الصاغاني ، وأبي حاتم الرازي ، عن عمرو بن الربيع ، عن يحيى بن أيوب ، عن محمد فقالا: عمرة بنت حزم .

قوله: "فقربت" بتشديد الراء.

قوله: "مصلية" أي مشوية، يقال: صليت اللحم -بالتخفيف- أي شويته، فهو مصلي، فأما إذا أحرقته وألقيته في النار قلت: صليته -بالتشديد- وأصليته.

قوله: "ثم حانت الظهر" أي آنت يعني حضرت، من الحين، وهو الوقت.

قوله: "فأتته بقناع" بكسر القاف، وهو الطبق الذي يؤكل عليه، ويقال له القنع -بالكسر والضم- وقيل: القناع جمعه.

[ ص: 377 ] وقال الجوهري القناع: الطبق من عسب النخل، وكذلك القنع.

وفي "الدستور": هو طبق الفاكهة، وبالفارسية: طبق مره.

قوله: "بعلالة" بضم العين المهملة أي ببقية لحم الشاة، ويقال لبقية اللبن في الضرع، وبقية قوة الشيخ، وبقية جري الفرس: علالة، وقيل: علالة الشاة: ما يتعلل به شيئا بعد شيء، من العلل: الشرب بعد الشرب.

قوله: "صور" بفتح الصاد وسكون الواو، وهو النخل المجتمع الصغار، لا واحد له، ويجمع على صيران.

ويستفاد منه ما ذكره الطحاوي ، وجواز العود إلى فضلة الطعام، وجواز ترك الوضوء مما مسته النار.

التالي السابق


الخدمات العلمية