صفحة جزء
226 227 ص: وقد يجوز أيضا أن يكون رسول الله - عليه السلام - كان يفعل ذلك وهو واجب ثم نسخ، فنظرنا في ذلك هل نجد شيئا من الآثار يدل على هذا المعنى؟ فإذا ابن أبي داود قد حدثنا، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا ابن إسحاق ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، قال: قلت له: "أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر ، عم ذلك؟ قال: حدثتنيه أسماء ابنة زيد بن الخطاب ، : أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها، أن رسول الله - عليه السلام - أمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة، وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يرى أن به على ذلك قوة، وكان لا يدع الوضوء لكل صلاة.

ففي هذا الحديث: أن رسول الله - عليه السلام - كان أمر بالوضوء لكل صلاة، ثم نسخ ذلك، فثبت بما ذكرنا أن الوضوء يجزئ ما لم يكن الحدث.


ش: هذا جواب آخر عن حديث بريدة ، أنه - عليه السلام - كان يتوضأ لكل صلاة وهو طاهر .

قوله: "أن يكون" فاعل "يجوز" و"رسول الله - عليه السلام -" اسم "يكون".

وقوله: "كان يفعل ذلك" خبره.

وقوله: "وهو واجب" جملة حالية، وذلك إشارة إلى توضئه - عليه السلام - لكل صلاة، وإسناد الحديث المذكور جيد حسن.

والوهبي هو أحمد بن خالد بن موسى الكندي ، ونسبته إلى وهب والد عبد الله المصري

وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق .

[ ص: 381 ] ومحمد بن يحيى بن حبان -بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة- ابن منقذ بن عمرو بن مالك الأنصاري

وأسماء ابنة زيد بن الخطاب أخت عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، من التابعيات.

وعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الراهب واسمه عبد عمرو بن صيفي بن زيد بن أمية الأنصاري، أبو عبد الرحمن المدني ، له رؤية من النبي - عليه السلام - ويقال: توفي النبي - عليه السلام - وهو ابن سبع سنين. وروى له أبو داود هذا الحديث فقط: عن محمد بن عوف الطائي ، عن أحمد بن خالد ، عن محمد بن إسحاق ... إلى آخره نحوه بسواء.

وأخرجه البيهقي في "سننه": من طريق أبي داود

قوله: "أرأيت" معناه أخبرني.

قوله: "طاهرا" نصب على أنه خبر "كان" مقدما عليه.

قوله: "أمر بالوضوء" على صفة المجهول، أي: أمره الله تعالى، وكذلك "أمر" الثاني.

قوله: "فلما شق ذلك عليه" أي: لما ثقل التوضؤ لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر على النبي - عليه السلام - "أمر بالسواك" أي باستعماله; لأن نفس السواك لا يؤمر به.

قوله: "يرى أن به قوة" أي يظن أن به طاقة يتحمل الوضوء لكل صلاة.

قوله: "وكان لا يدع" أي: لا يترك، وهذا من الألفاظ التي أماتوا ماضيها، كذا قالوا، وليس بشيء; فإنه قرئ قوله تعالى: ما ودعك بالتخفيف.

التالي السابق


الخدمات العلمية