صفحة جزء
4631 4632 ص: وقد حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير، قال: ثنا حميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت قال: "خرج علينا رسول الله -عليه السلام- ليخبرنا ليلة القدر، فتلاحى رجلان، فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا ثابت وحميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي -عليه السلام- مثله.

ففي هذا الحديث أن النبي -عليه السلام- رآها في ليلة بعينها وقد أمرهم بعد رؤيته أن يتحروها فيما بعد في التاسعة والسابعة والخامسة، فدل ذلك على أنها قد تكون في عام في ليلة بعينها ثم تكون فيما بعد غير تلك الليلة، فدل ذلك على المعنى الذي ذهبنا إليه في حديث ابن أنيس -رضي الله عنه-.


ش: ذكر هذا الحديث شاهدا لما قاله من جواز انتقال ليلة القدر إذا كانت في ليلة مخصوصة في عام إلى ليلة أخرى في عام آخر.

وأخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن فهد بن سليمان ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل -شيخ البخاري - عن زهير بن معاوية بن حديج ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنهم-.

[ ص: 239 ] وأخرجه البخاري : من حديث حميد ، عن أنس ، عن عبادة بن الصامت قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبر بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال النبي -عليه السلام-: إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة".

الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي النحوي المقرئ ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني وحميد الطويل، كلاهما عن أنس ، عن عبادة .

وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا عفان، نا حماد، أنا ثابت وحميد ، عن أنس بن مالك ، عن عبادة بن الصامت "أن النبي -عليه السلام- خرج ذات ليلة على أصحابه وهو يريد أن يخبرهم بليلة القدر، فتلاحى رجلان، فقال رسول الله -عليه السلام-: خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فاطلبوها في العشر الأواخر فمن تاسعة أو سابعة أو خامسة".

قوله: "فتلاحى رجلان" أي تخاصما وتنازعا، من لاحيته ملاحاة ولحاء: إذا نازعته، واللحي: اللوم والعذل، يقال: لحيت الرجل ألحاه لحيا: إذا لمته وعذلته.

قوله: "فرفعت" أي ليلة القدر، وبهذا احتج بعضهم أن ليلة القدر قد رفعت، وأنها كانت في زمن النبي -عليه السلام- خاصة، وهذا غير صحيح؛ لأن المراد من رفعها رفع بيان علمها بالعين، والدليل على ذلك أنه -عليه السلام- أمر بالتماسها، ولو كان المراد رفع وجودها لم يكن في الأمر بالتماسها فائدة.

قوله: "وعسى أن تكون خيرا لكم" أي عسى أن يكون رفع بيان علم عينها خيرا لكم؛ لتجتهدوا في طلبها، وتكثروا العمل، ولو كانت عينت لهم كانوا اتكلوا على عملهم فيها فقط.

[ ص: 240 ] وفي هذا الحديث ما يدل على شؤم الاختلاف والمراء، والعقوبة عليه، وأن الاختلاف والمراء من الشيطان كما جاء في النسائي "فجاء رجلان معهما الشيطان فأنسيتها".

التالي السابق


الخدمات العلمية