صفحة جزء
5115 ص: حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب، عن أبيه ، قال: سمعت النعمان يحدث، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار ، عن المقداد بن عمرو ، قال: "قلت: يا رسول الله، أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين ضربتين فضربني فأبان يدي ثم قال: لا إله إلا الله، أقتله أم أتركه؟ قال: بل اتركه، قلت: قد أبان يدي! قال: نعم، فإن قتلته فأنت مثله قبل أن يقولها وهو بمنزلتك قبل أن تقتله".


ش: وهب هو ابن جرير البصري، روى له الجماعة.

وأبوه جرير بن حازم بن زيد البصري، روى له الجماعة.

والنعمان هو ابن راشد الجزري ضعفه يحيى، وعنه: ليس بشيء. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له الجماعة؛ البخاري مستشهدا.

والزهري هو محمد بن مسلم .

وعطاء بن يزيد الليثي ثم الجندعي أبو محمد المدني، [روى له الجماعة.

وعبيد الله بن عدي بن الخيار القرشي النوفلي المدني، ولد في زمن النبي -عليه السلام- وكان من فقهاء قريش. قال العجلي: مدني تابعي ثقة. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

والمقداد بن عمرو هو المقداد بن الأسود الصحابي -رضي الله عنه-.

وأخرجه البخاري في "المغازي": عن أبي عاصم ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن عبيد الله بن عدي ، عن المقداد بن الأسود أنه قال

[ ص: 175 ] للنبي -عليه السلام-: "أرأيت إن لقيت رجلا فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله، أفأقتله بعد أن قالها؟ قال: لا تقتله. قلت: إنه قطع يدي؟! قال: لا تقتله؛ فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال".

وأخرجه أيضا في "الديات": عن عبدان ، عن ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ... إلى آخره.

وأخرجه مسلم في "الإيمان": عن قتيبة وابن رمح ، عن الليث .

وعن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس.

وعن إسحاق بن راهويه، عن عبد الرزاق، عن معمر.

وعن إسحاق بن موسى ، عن الوليد ، عن الأوزاعي .

وعن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج، كلهم عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن عبيد الله بن عدي ، عن المقداد .

وأخرجه أبو داود في "الجهاد": عن قتيبة ، عن الليث ، عن ابن شهاب ، عن عطاء ... إلى آخره.

وأخرجه النسائي في "السير": عن قتيبة به.

قوله: "فأبان يدي" من الإبانة وهي القطع.

قوله: "أقتله" أي: هل أقتله؟.

قوله: "فإن قتلته فأنت مثله قبل أن يقولها" قيل: معناه إنك كنت كذلك قبل أن يقول الكلمة التي قال هو، وذلك حين كنت بمكة بين المشركين فكنت تكتم

[ ص: 176 ] إيمانك فلعل هذا أيضا كان ممن يكتم إيمانه بين المشركين وخرج معهم كرها كما أخرج أهل مكة من كان معهم من المسلمين إلى بدر كرها.

فإن قيل: إذا كان المعنى كذلك؛ فكيف ذاك الرجل يقطع اليد والحال أنه ممن يكتم إيمانه؟.

قلت: إنما فعل ذلك دفعا عن نفسه من يريد قتله، فجاز له كما جاز للمؤمن إذا أراد أن يقتله مؤمن أن يدفع عن نفسه بالقتل ونحوه.

وإنما لم يقد -عليه السلام- قتيل أسامة لما قتله بعد أن قال: لا إله إلا الله وذلك حين بعثه -عليه السلام- مع سرية إلى الحرقات؛ لأنه قتله متأولا.

وقيل: معنى هذا الكلام: إنك مثله قبل أن يقولها في مخالفة الحق وارتكاب الإثم، وإن اختلفت أنواع المخالفة والإثم.

وقيل: إنك مثله يعني كنت كمثله قبل أن يقولها في إباحة الدم؛ لأن الكافر قبل أن يسلم مباح الدم بحق الدين، فإذا أسلم فقتله قاتل؛ كان مباح الدم بحق القصاص.

قوله: "وهو بمنزلتك قبل أن تقتله" أي: وهو مثلك مسلم قبل أن يقتل فكيف تقتله؟

ويستفاد من الحديث: إن تلفظ بكلمة التوحيد يحكم بإسلامه، ولكن هذا في حق المشرك الذي ينفي صانع العالم، أو يعترف بوجود الصانع ولكنه يشرك، وعن قريب يأتي الكلام فيه مستقصى.

التالي السابق


الخدمات العلمية