صفحة جزء
5212 ص: ثم هذا علي -رضي الله عنه- لما صار الأمر إليه؛ حمل الناس على ذلك أيضا، وذكروا في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا يوسف بن عدي ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك ، عن محمد بن إسحاق ، قال: "سألت أبا جعفر ، فقلت: أرأيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حيث ولي العراق ، وما ولي من أمر الناس كيف صنع في سهم ذوي القربى؟ قال: سلك به والله سبيل أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، فقلت: وكيف وأنتم تقولون ما تقولون؟ قال: أم والله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه، قلت: فما منعه؟ قال: كره والله أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-".

فهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قد أجراه على ما كان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- أجرياه عليه؛ لأنه رأى ذلك عدلا، ولو كان رأيه بخلاف ذلك مع علمه وفضله ودينه إذا لرده إلى ما رأى.


ش: أوضح ما ذكره من بيان ما ذهب إليه هؤلاء القوم: هو ما وقع عليه إجماع الصحابة بما روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

أخرجه بإسناد صحيح: عن محمد بن خزيمة بن راشد ، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري ، عن عبد الله بن المبارك ، عن محمد بن إسحاق المدني ، عن

[ ص: 295 ] أبي جعفر هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- المعروف بالباقر؛ لقب به لأنه تبقر في العلوم أي: توسع، والتبقر: التوسع، روى له الجماعة.

وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث حماد بن زيد وغيره، عن ابن إسحاق، قال: "سألت أبا جعفر - يعني الباقر - كيف صنع علي -رضي الله عنه- في سهم ذوي القربى؟ قال: سلك به طريق أبي بكر وعمر. قلت: وكيف وأنتم تقولون ما تقولون؟ قال: أما والله ما كانوا يصدرون إلا عن رأيه، ولكنه كره أن يتعلق عليه خلاف أبي بكر وعمر" وفي لفظ قال: "أما والله ما كان أهل بيته يصدرون إلا عن رأيه، ولكن كان يكره أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-". وكذلك رواه السفيانان عن أبي إسحاق .

وقال البيهقي: ضعف الشافعي هذه الرواية بأن عليا -رضي الله عنه- قد رأى غير رأيهما في أن يجعل للعبد في القسمة شيئا، ورأى غير رأي عمر في التسوية بين الناس وفي بيع أمهات الأولاد، وخالف أبا بكر في الجد.

قوله: "أم والله" أصله: أما والله، وهي حرف استفتاح بمنزلة "ألا".

قوله: "يصدرون" أي: يرجعون.

قوله: "أن يدعى عليه" أي: يتعلق عليه خلاف الشيخين.

التالي السابق


الخدمات العلمية