صفحة جزء
5238 5239 5240 5241 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن ذلك:

ما حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا يحيى بن زكرياء ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، -رضي الله عنهما- قال: " أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر بالشطر، ، ثم أرسل ابن رواحة ، فقاسمهم". .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال: ثنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: " ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما خرج من الزرع". .

حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا أبو عون الزيادي ، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان ، قال: ثنا أبو الزبير ، عن جابر ، -رضي الله عنه- قال: "أفاء الله - عز وجل - خيبر ، فأقرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما كانوا وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة ، فخرصها عليهم".

[ ص: 345 ] فثبت بذلك أن رسول الله -عليه السلام- لم يكن قسم خيبر بكمالها، ولكنه قسم طائفة منها على ما احتج به عمر -رضي الله عنه- في الحديث الأول، وترك طائفة منها فلم يقسمها على ما روي عن ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر -رضي الله عنهم- في هذه الآثار الأخر، والذي كان قسم منها هو الشق والنطاة، وترك سائرها، فعلمنا بذلك أنه قسم وله أن يقسم، وترك وله أن يترك.

فثبت بذلك أن هكذا حكم الأرضين المفتتحة؛ للإمام قسمها إن رأى ذلك صلاحا للمسلمين كما قسم رسول الله -عليه السلام- ما قسم من خيبر، وله تركها إن رأى في ذلك صلاحا للمسلمين أيضا كما ترك رسول الله -عليه السلام- ما ترك من خيبر، ، يفعل ذلك ما رأى على التحري منه لصلاح المسلمين، وقد فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في أرض السواد مثل ذلك أيضا فتركها للمسلمين أرض خراج لينتفع بها من يجيء من بعده منهم كما ينتفع بها من كان في عصره من المسلمين.


ش: أي وكان من الدليل والبرهان لهؤلاء الجماعة الآخرين فيما ذهبوا إليه: ما قد روي عنه -عليه السلام- من الأحاديث، وأخرج في ذلك عن ثلاثة من الصحابة وهم: ابن عباس وابن عمر وجابر -رضي الله عنهم-.

أما حديث ابن عباس: فأخرجه عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن أسد بن موسى ، عن يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة ، عن الحجاج بن أرطاة النخعي - فيه مقال - عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم بن بجرة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا سريج بن النعمان، ثنا هشيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس: "أن رسول الله -عليه السلام- دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف".

قوله: "بالشطر" أي بالنصف، ورواية أحمد فسرت رواية الطحاوي .

[ ص: 346 ] وأما حديث ابن عمر فأخرجه بإسناد صحيح: عن محمد بن عمرو بن يونس ، عن عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر: "أن رسول الله -عليه السلام- عامل..." إلى آخره.

وأخرجه البخاري ، ومسلم مطولا: من حديث عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر: "أن رسول الله -عليه السلام- عامل أهل خيبر بشطر ما خرج من زرع أو تمر..." الحديث.

وأما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أبي عون محمد بن عون الزيادي ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن جابر بن عبد الله .

وأخرجه أبو داود: ثنا محمد بن أبي خلف، قال: ثنا محمد بن سابق ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن جابر أنه قال: "أفاء الله على رسوله خيبر، فأقرهم رسول الله -عليه السلام- كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم".

قوله: "أفاء الله خيبر" أي: جعلها غنيمة لرسوله وللمؤمنين.

قوله: "فخرصها عليهم" أي: حزر ما عليها من الزرع والتمر، وهو من الخرص وهو الظن؛ لأن الحزر إنما هو تقدير بظن، والاسم الخرص - بالكسر - يقال: كم خرص أرضك؟.

قوله: "هو الشق" بفتح الشين المعجمة وهو الأعرف عند أهل اللغة، وكذلك قيده البكري.

و: "النطاة" بالنون، وهما موضعان من أرض خيبر.

التالي السابق


الخدمات العلمية