صفحة جزء
6201 ص: وقالوا: قد روي عن ابن الزبير: أن هذه الآية نزلت في غير هذا، فذكروا ما حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني ، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل ، قال: ثنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، أن ابن أبي مليكة أخبره، أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أخبره: "أن ركبا من بني تميم قدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،

[ ص: 509 ] فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: يا رسول الله أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، . وقال عمر -رضي الله عنه- أمر الأقرع بن حابس، . فقال أبو بكر: ما أردت بذلك إلا خلافي، فقال عمر -رضي الله عنه-:
ما أردت بذلك خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله



ش: أي قال الآخرون: قد روي عن عبد الله بن الزبير أن هذه الآية وهي قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله نزلت في غير هذا المعنى أي المعنى الذي ذكره أهل المقالة الأولى، وهو النحر قبل أن ينحر النبي -عليه السلام-، أو قبل أن يصلي، علي ما مر.

بيان ذلك: أن ابن الزبير قد بين في حديثه الذي أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح عن محمد بن عبد الله الأصبهاني عن إسحاق بن إبراهيم وهو إسحاق بن أبي إسرائيل وأبو إسرائيل [كنية] إبراهيم شيخ البخاري في غير الصحيح، وثقه يحيى بن معين .

عن هشام بن يوسف الصنعاني روى له الجماعة إلا مسلما .

عن عبد الملك بن جريج، وعن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي المكي الأحول، كان قاضيا لعبد الله بن الزبير ومؤذنا له، روى له الجماعة.

وأخرجه الترمذي: عن ابن المثنى ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن نافع بن عمر بن عبد الحميد ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن الزبير، وقال: حسن غريب وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مليكة مرسلا، ولم يذكر ابن الزبير .

وأخرجه النسائي: عن الحسن بن محمد الزعفراني ، عن حجاج ، عن ابن [ ص: 510 ] جريج أخبرني ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره: "أنه قدم ركب من بني تميم..." الحديث.

سبب نزول هذه الآية وهو ينافي ما تأوله أهل المقالة الأولى في الآية المذكورة، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: معنى الآية: لا تعجلوا بالأمر والنهي دونه.

وقال الجصاص: يحتج بهذه الآية في امتناع جواز مخالفة النبي -عليه السلام- في تقديم [الفروض] عن أوقاتها وتأخيرها عنها، وقد يحتج [بها] من يوجب أفعال النبي -عليه السلام- لأن من ترك [ما] فعله تقدما بين يديه [كما أن في ترك أمره تقدما بين يديه] وليس كما ظنوا؛ لأن المتقدم بين يديه إنما هو فيما أراد منا فعله ففعلنا غيره فأما ما لم يثبت أنه مراد منه فليس في تركه تقدم بين يديه ويحتج به نفاة القياس أيضا، ويدل ذلك على جهل المحتج به؛ لأن ما قامت دلالته فليس في فعله تقدم بين يديه، وقد قامت دلالة الكتاب والسنة والإجماع على وجوب القول بالقياس في فروع الشرع، فليس فيه إذا تقدم بين يديه.

قوله: "أمر القعقاع" أمر من التأمير، والقعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن يزيد بن عبد الله بن دارم التميمي كان من سادات تميم، وفد على النبي -عليه السلام- في وفد تميم.

قوله: "فتماريا" أي: تجادلا وتجاذبا.

التالي السابق


الخدمات العلمية