صفحة جزء
6297 ص: حدثا فهد، قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال: ثنا أبي ، قال: ثنا الأعمش ، قال: حدثني إبراهيم التيمي ، قال: حدثني أبي ، قال: "خطبنا علي -رضي الله عنه- على منبر من آجر، وعليه سيف فيه صحيفة معلقة به، فقال: والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، ثم نشرها، فإذا فيها: المدينة حرام من عير إلى ثور".


ش: إسناده صحيح على شرط الشيخين، والأعمش هو: سليمان ، وإبراهيم بن يزيد التيمي، -تيم الرباب- الكوفي، وأبوه: يزيد بن شريك التيمي .

وأخرجه البخاري: نا عمر بن حفص بن غياث، نا أبي، ثنا الأعمش، حدثني إبراهيم التيمي، حدثني أبي قال: "خطبنا علي -رضي الله عنه- ... " إلى آخره نحوه سواء، غير أن لفظه في آخره: "فإذا فيها: أسنان الإبل" وإذا فيها: المدينة حرم من عير إلى كذا، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.

وأخرجه مسلم: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب وأبو كريب، جميعا، عن أبي معاوية -قال أبو كريب: ثنا أبو معاوية- قال: ثنا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه قال: "خطبنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقال: من زعم أن عندنا شيئا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة -قال: وصحيفة معلقة في قراب سيفه- فقد كذب، فيها: أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات، وفيها: قال [ ص: 58 ] النبي -عليه السلام-: والمدينة حرم ما بين عائر إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. . ." الحديث.

وأخرجه أبو داود: نا محمد بن كثير، قال: أنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه، عن علي -رضي الله عنه- قال: "ما كتبنا عن رسول الله -عليه السلام- إلا القرآن وما في هذه الصحيفة، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور. . ." الحديث.

وأخرجه الترمذي: ثنا هناد قال: ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ... إلى آخره، نحو رواية أبي داود .

قوله: "من عير إلى ثور" وفي أكثر الروايات: "من عائر إلى ثور" قال بعضهم: ليس بالمدينة ولا على مقربة منها جبل يسمى بهذين الاسمين، ولهذا ترك بعض الرواة موضع ثور بياضا، وقال بعضهم: أما "عير" فجبل معروف بالمدينة، وأما "ثور" فالمعروف أنه بمكة وفيها الغار التي بات فيها رسول الله -عليه السلام- لما هاجر، وفي رواية قليلة "ما بين عير إلى أحد" وأحد بالمدينة، فيكون ثور غلطا من الراوي وإن كان هو الأشهر في الرواية، ويقال: إن عيرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف.

وقيل: "إلى" ها هنا بمعنى "مع" كأنه جعل المدينة مضافة إلى مكة في التحريم، وقال الخطابي: عاير وثور جبلان، وزعم بعضهم أن أهل المدينة لا يعرفون بالمدينة جبلا يقال له: ثور وإنما ثور بمكة، فيروى -أي الحديث- إنما أصله ما بين عائر إلى أحد.

[ ص: 59 ] قال القاضي: قوله: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور " كذا للرواة، وللعذري: عاير بألف هذان الاسمان هما اللذان جاءا في الحديث الآخر: "من كذا إلى كذا" فإما أن يكون في ذلك الحديث لم يضبط الراوي الاسمين أو كنى عنهما؛ لإنكار مصعب الزبيري وغيره هاتين الكلمتين، وقال: ليس بالمدنية عير ولا ثور، قالوا: وإنما ثور بمكة، وقال الزبير: عير جبل بناحية المدينة، وأكثر الرواة في كتاب البخاري ذكروا عيرا، وأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضا إذ اعتقدوا الخطأ في ذكره.

قال الإمام: قال بعض العلماء: ثور ها هنا وهم من الراوي؛ لأن ثورا بمكة، والصحيح: "إلى أحد" قال القاضي: كذا قال أبو عبيد: كأن الحديث أصله: "من عير إلى أحد".

قلت: "العير" بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء، و"الثور" بفتح الثاء المثلثة وسكون الواو على اسم الثور الحيوان المعروف.

ويستفاد من هذا الحديث أحكام:

الأول: أن المدينة لها حرم كحرم مكة على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى. الثاني: فيه رد على الرافضة والشيعة فيما يدعونه من إيداع أسرار العلم والشريعة لآل البيت وتخصيصهم بما لم يطلع عليه سواهم، وتكذيب لهم وهو مراد علي -رضي الله عنه-.

الثالث: فيه أن عليا -رضي الله عنه- ممن كتب العلم قديما.

الرابع: فيه جواز كتابة العلم والحديث.

الخامس: فيه أن الخطيب إذا خطب وهو متقلد سيفه لا بأس به.

السادس: فيه استحباب الخطبة على موضع عال، وذلك لأنه أبلغ إلى التبليغ إلى سائر الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية