صفحة جزء
6628 ص: وقد روي عن أبي سعيد في غير هذا الحديث ما يدل على أن الإباحة المذكورة في هذا الحديث هي على الضرورة، فذكروا ما حدثنا فهد ، قال: ثنا مخول بن إبراهيم ، قال: ثنا إسرائيل ، عن عبد الله بن عصمة ، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: "إذا أرمل القوم فصبحوا الإبل فلينادوا الراعي ثلاثا، فإن لم يجدوا الراعي، ووجدوا الإبل فليتصبحوا لبن الراوية إن كان في الإبل راوية، ولا حق لهم في بقيتها، فإن جاء الراعي فليمسكه رجلان ولا يقاتلوه، وليشربوا فإن كان معهم دراهم فهو عليهم حرام إلا بإذن أهله".

ففي هذا الحديث دليل على أن ما أبيح من ذلك في هذا الحديث الأول إنما هو على الضرورة.


ش: هذا جواب عن حديث أبي سعيد المذكور الذي احتجت به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه.

تقريره أن يقال: إن استدلالهم بالحديث المذكور لا يتم ولا يستقيم؛ لأنه قد دل حديث أبي سعيد الآخر أن معناه محمول على حالة الضرورة، ونحن أيضا نقول: إن الضرورة تبيح الأكل من ثمار غيره والشرب من لبن غيره ونحو ذلك؛ قدر ما يدفع جوعته.

[ ص: 239 ] وقد قال البيهقي: هذا الحديث محمول عندنا على الضرورة وقال: قال الشافعي: من مر لرجل بزرع أو تمر أو ماشية، أو غير ذلك من ماله؛ لم يكن له أخذ شيء منه إلا بإذنه؛ لأن هذا مما لم يأت فيه كتاب ولا سنة ثابتة بإباحته.

قال: وقد قيل: من مر بحائط فليأكل ولا يتخذ خبنة ولم يثبت الحديث. قوله: "فذكروا" أي الآخرون ذكروا، ما حدثنا فهد بن سليمان ، عن مخول بن إبراهيم بن مخول بن راشد النهدي الكوفي .

قال الذهبي: رافضي بغيض، صدوق في نفسه، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق روى له الجماعة.

عن عبد الله بن عصمة الجشمي وثقه ابن حبان .

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع، قال: ثنا إسرائيل ، عن عبد الله بن عصمة، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: "لا يحل لرجل أن يحلب ناقة رجل مصرورة إلا بإذن صاحبها، ألا إن خاتمها صرارها، فإن أرمل القوم فليناد الراعي ثلاثا، فإن أجاب شربوا، وإلا فليمسكه رجلان وليشربوا".

وأخرجه البيهقي: من حديث أبي عبيد، ثنا شريك ، عن عبد الله بن عصم سمعت أبا سعيد الخدري يقول: "لا يحل لأحد أن يحل صرار ناقة إلا أن يأذن أهلها، فإن خاتم أهلها عليها، قيل لشريك: أرفعه؟ قال: نعم".

[ ص: 240 ] قوله: "إذا أرمل القوم" أي إذا نفد زادهم، وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير: أترب.

قوله: "لبن الراوية" الراوية من الإبل: الحاملة للماء، ويجمع على روايا، وبه سميت المزادة راوية والمراد بها هاهنا الحاملة للبن المحلوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية