صفحة جزء
6978 ص: فإن قال قائل: فقد [روي عن] رسول الله -عليه السلام- أن الميت يعذب في قبره بنياحة أهله عليه، وذكر ما حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا سعيد بن عبيد أبو الهذيل الطائي ، عن علي بن ربيعة قال: " نيح على قرظة بن كعب ، فخطب المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - فقال: "ما بال النياحة في هذه الأمة؟! إني سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن نيح عليه عذب ما نيح عليه -أو بما نيح عليه". .

قيل له: هذا عندنا -والله أعلم- على النياحة التي كانوا يوصون بها أهليهم، فتكون مفعولة بعدهم بوصيتهم بها في حياتهم، فيعذبون على ذلك.


ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قد أولتم حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، وقلتم: إن عائشة قد أنكرت حديثه، ونسبته تارة إلى الوهم، وتارة إلى النسيان، وتارة إلى الخطأ، وأولت حديثه بما ذكرنا من التأويلات، فما تقولون فيما روى [ ص: 518 ] المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، وهو مثل ما رواه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، والحال أنه سالم عن نسبته إلى الوهم أو النسيان؟ فدل على أن البكاء حرام مطلقا وأن الميت يعذب به.

وأخرجه بإسناد صحيح، عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن يزيد بن هارون الواسطي ، عن سعيد بن عبيد الطائي أبي الهذيل الكوفي، روى له الجماعة سوى ابن ماجه ، عن علي بن ربيعة الوالبي الكوفي، روى له الجماعة.

وأخرجه مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا وكيع ، عن سعيد بن عبيد الطائي ومحمد بن قيس ، عن علي بن ربيعة قال: "أول من نيح عليه بالكوفة قرظة بن كعب ، فقال المغيرة بن شعبة : سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة".

قوله: "فليتبوأ مقعده" أي لينزل منزله من النار، يقال: بوأه الله منزلا أي: أسكنه، وتبوأت منزلا أي اتخذته، والمباءة: المنزل.

قوله: "ومن نيح عليه" من النياحة.

قوله: "ما نيح عليه" أي ما دام النوح عليه، فكلمة "ما" بمعنى المدة. قوله: "أو بما نيح عليه" شك من الراوي، أي أو بسبب النوح عليه، والباء للسببية، وكلمة "ما" مصدرية.

قوله: "قيل له: هذا عندنا. ." إلى آخره. جواب السؤال المذكور، وهو ظاهر.

التالي السابق


الخدمات العلمية