صفحة جزء
7013 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : ثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، قال : "صدق رسول الله -عليه السلام - أمية بن أبي الصلت في شعره وقال :


رجل وثور تحت رجل يمينه . . . والنسر للأخرى وليث مرصد



فقال رسول الله -عليه السلام - : صدق . قال :


والشمس تطلع كل آخر ليلة . . .     حتى الصباح ولونها يتورد



[ ص: 34 ] فقال النبي -عليه السلام - : صدق . فقال :


تأبي فما تطلع لنا في رسلها . . .     إلا معذبة وإلا تجلد



فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صدق
" .


ش: إسناده صحيح .

ويعقوب [بن] عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي المدني ، وثقه أبو حاتم والدارقطني .

وأخرجه الدارمي في "سننه " : أنا محمد بن عيسى ، ثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : "صدق أمية بن أبي الصلت في بيتين من شعره ، فقال :


رجل وثور تحت رجل يمينه . . . والنسر للأخرى وليث مرصد

. . . . إلى آخره ، مثل رواية الطحاوي .

وأخرجه أحمد أيضا في "مسنده " .

وأمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بن ثقيف أبو عثمان ، ويقال : أبو الحكم الثقفي ، شاعر جاهلي ، قال ابن عساكر : قدم دمشق قبل الإسلام وقيل : إنه كان صالحا ، وأنه كان في أول أمره على الإيمان ، ثم زاغ عنه ، وأنه هو الذي أراد الله بقوله : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها الآية . وذكر السهيلي أن أمية بن أبي الصلت أول من قال : بسمك اللهم وذكر فيه قصة غريبة ذكرناها في تاريخنا .

[ ص: 35 ] قوله : "رجل وثور . . . . " إلى آخره ، من بحر الكامل وأصله في الدائرة متفاعلن ست مرات ، وأشار بذلك إلى حملة العرش وهم أربعة : أحدهم في صورة بني آدم ، أشار إليه بقوله : "رجل " ، والثاني : في صورة ثور أشار إليه بقوله : "وثور " ، والثالث : في صورة النسر ، أشار إليه بقوله : "والنسر للأخرى " ، والرابع : في صورة الأسد أشار إليه بقوله : "وليث مرصد " ، فلأجل ذلك صدقه النبي -عليه السلام - .

قوله : "رجل " مبتدأ ويجوز لوقوعه مبتدأ كونه معطوفا عليه ; لأن قوله : وثور عطف عليه ، وقد ذكرت النحاة أن العطف من مجوزات وقوع المبتدأ نكرة ، والخبر قوله : "تحت رجل يمينه " أي يمين العرش ، أراد : وملك في صورة رجل ، وآخر في صورة ثور تحت قائمتي العرش من اليمين ، وملك آخر في صورة النسر ، وآخر في صورة الليث تحت قائمته من اليسار ، فقوائمه الأربعة على كواهل الأربعة من الملائكة بهذه الصورة .

قوله : "والنسر للأخرى " جملة من المبتدأ والخبر أي للرجل الأخرى ، أراد بها القائمة الأخرى من اليسار .

قوله : "وليث " عطف على ما قبله .

وقوله : "مرصد " صفة من أرصد إذا أعد للترقب .

قوله : "يتورد " أي يحمر ويصير مثل الورد الأحمر .

قوله : "تأبى " أي تمتنع من الطلوع والعود إلى الدنيا ، ولا تطلع إلا بنخس من الملائكة ، وهذا صحيح ; فلذلك صدقه النبي -عليه السلام - ، والدليل على ذلك ما رواه ابن عساكر في حديثه الطويل بإسناده إلى ابن عباس أنه قال : "إن الشمس لا تطلع حتى يتنخسها سبعون ألف ملك ، يقولون : اطلعي اطلعي ، فتقول : لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله ، فإذا همت بالطلوع أتاها شيطان يريد أن يثبطها فتطلع بين قرنيه وتحرقه ، فإذا تضيفت للغروب غربت على السجود ، فيأتيها شيطان يريد أن يثبطها عن السجود ، فتغرب بين عينيه وتحرقه " .

[ ص: 36 ] وقد أشار أمية بن أبي الصلت إلى هذا المعنى بقوله :

"تأبي فما تطلع لنا في رسلها

" أي في فورها إلا معذبة من جهة الملائكة .

قوله : "فما تطلع " بالجزم للضرورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية