صفحة جزء
7014 ص: حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا المقدمي ، قال : ثنا أبو معشر البراء ، عن صدقة بن طيلسة ، قال : حدثني معن بن ثعلبة ، قال : حدثني أعشى المازني ، قال : أتيت النبي -عليه السلام - فأنشدته :


يا مالك الناس وديان العرب . . . إني لقيت ذربة من الذرب

    كالذئبة العمساء في ظل السرب
. . . خرجت أبغيها الطعام في رجب

    فخلفتني بنزاع وهرب
. . . أخلفت الوعد ولطت بالذنب

    وقذفتني بين عصر ونشب
. . . وهن شر غالب إن غلب



قال : فجعل رسول الله -عليه السلام - يقول :
وهن شر غالب لمن غلب "
.


ش: إسناده صحيح .

والمقدمي هو محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم ، شيخ البخاري ، وأبو معشر البراء : اسمه يوسف بن يزيد بن العطار البصري ، كان يبري النبل ، وقيل : كان يبري العود ، روى له البخاري ومسلم .

وصدقة بن طيلسة ، وثقه ابن حبان .

ومعن بن ثعلبة المازني ذكره ابن حبان في التابعين الثقات .

وأعشى المازني الصحابي اسمه عبد الله بن الأعور ، من بني مازن بن عمرو بن تميم ، سكن البصرة .

والحديث أخرجه أبو يعلى في "مسنده " : ثنا المقدمي ، ثنا أبو معشر يوسف بن [ ص: 37 ] يزيد ، حدثني صدقة بن طيلسة ، حدثني معن بن ثعلبة المازني ، حدثني الأعشى المازني أنه قال : "أتيت النبي -عليه السلام - فأنشدته . . . . " إلى آخره نحوه .

وأخرجه البيهقي أيضا في "سننه " من طريق المقدمي نحوه .

ثم قال : وقال إبراهيم بن عرعرة : ثنا أبو معشر البراء يوسف بن يزيد ، ثنا طيلسة المازني ، حدثني أبي والحي ، عن أعشى بن ماعز بنحو منه . وقال غيره : طيلسة بن صدقة .

قوله : "يا مالك الناس . . . . " إلى آخره ، من بحر الرجز ، وأصله في الدائرة مستفعلن ست مرات ، وفي بعض الروايات : "يا سيد الناس " .

قوله : "وديان العرب " ، يعني يا مالكها وسايسها ، قال الحطيئة :


لقد دينت أمر بنيك حتى . . . تركتهم أدق من الطحين



يعني ملكت ، ويروى : سوست .

قوله : "إنى لقيت ذربة " ، وفي بعض الرويات : إليك أشكو ذربة من الذرب أي امرأة ذربة -بكسر الذال المعجمة وسكون الراء - وهو الفحش في اللسان ، وقال ابن الأثير : كنى الأعشى عن فساد امرأته وخيانتها بالذربة ، وأصله من ذرب المعدة وهو فسادها ، وذربة منقولة من ذربة كمعدة من معدة . وقيل : أراد سلاطة لسانها وفساد منطقها ، من قولهم : ذرب لسانه إذا كان حاد اللسان لا يبالي ما قال .

قوله : "كالذئبة العمساء " ، أي الشديدة ، الجريئة .

"في ظل السرب " ، والسرب -بفتح السين والراء المهملتين وفي آخره باء موحدة - وهو البيت في الأرض .

قوله : "خرجت أبغي الطعام " ، أي أبغي لها الطعام ، أي أطلب .

قوله : "فخلفتني " ، أي تركتني . "بنزاع " أي خصومة . "وهرب " أي فرار .

[ ص: 38 ] قوله : "ولطت بالذنب " ، أراد أنها سارت في الأرض مسرعة وملازمة بذنبها وهو كناية عن توليها وجعلها وراءها إليه ، يقال : لط بالأمر يلط لطا إذا لزمه ، وهو بالطاء المهملة ، وكذلك ألظ بالشيء يلظ إلظاظا ، وهو بالظاء المعجمة ، وقال ابن الأثير : أراد توارت واختفت بتخفيها عنه ، كما تخفي الناقة فرجها بذنبها .

قوله : "وقذفتني " أي : رمتني . "بين عصر ونشب " ، أراد بالعصر الشدة ، والنشب -بفتح النون والشين المعجمة - من نشب بعضهم ببعض أي تعلق ، وسبب هذه الأبيات أن الأعشى كانت عنده امرأة اسمها معاذة ، فخرج يمير أهله من هجر ، ففرت امرأته بعده ناشزا عليه ، فعاذت برجل يقال له : مطرف بن بهصل ، فلما قدم الأعشى لم يجدها في بيته ، وأخبر أنها نشزت عليه ، وأنها عاذت بمطرف ، فأتاه فقال له : عندك امرأتي فادفعها إلي ، قال : ليست عندي ولو كانت عندي لم أدفعها إليك ، وكان مطرف أعز منه ، فسار إلى النبي -عليه السلام – فعاذ به وقال الأبيات ، وشكى إليه امرأته وما صنعت ، وأنها عند مطرف ، فكتب النبي -عليه السلام - إلى مطرف : انظر امرأة هذا معاذة ، فادفعها إليه ، فأتاه كتاب النبي -عليه السلام - ، فقرئ عليه ، فقال : يا معاذة هذا كتاب النبي فيك ، وأنا دافعك إليه ، قالت : خذ لي العهد والميثاق وذمة النبي -عليه السلام - أن لا يعاقبني فيما صنعت ، فأخذ لها ذلك ودفعها إليه ، فأنشأ يقول :


لعمرك ما حبي معاذة بالذي . . .     يغيره الواشي ولا قدم العهد


ولا سوء ما جاءت به إذ أزلها . . .     غواة الرجال إذا ينادونها بعدي



التالي السابق


الخدمات العلمية