صفحة جزء
7019 ص: حدثنا محمد بن داود ، قال : ثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، قال : ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن الحكم ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال الأقرع بن حابس ، لشباب من شبابهم : "قم فاذكر فضلك وفضل قومك ، فقام فقال :


نحن الكرام فلا حي يعادلنا . . . نحن الكرام وفينا يقسم الربع

    ونطعم الناس عند القحط كلهم
. . . من السديف إذا لم يؤنس القزع

    فإذا أبينا فلا يعدل بنا أحد
. . . إنا كرام وعند الفخر نرتفع



[ ص: 41 ] قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا حسان أجبه فقال :


نصرنا رسول الله والدين عنوة . . .     على رغم عات من معد وحاصر


بضرب كإيزاع المخاض مشاشه . . .     وطعن كأفواه اللقاح الصوادر


ألسنا نخوض الموت في حومة الوغى . . .     إذا صار برد الموت بين العساكر


ونضرب هام الدارعين وننتمي . . .     إلى حسب من جزم غسان باهر


ولولا حبيب الله قلنا تكرما . . .     على الناس بالحيين هل من مفاخر


فأحياؤنا من خير من وطئ الحصى . . .     وأمواتنا من خير أهل المقابر




ش: معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، قال ابن المديني : ضعيف الحديث . وذهب إلى أنه كان يضع الحديث .

وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري أبو حفص المدني ، قال أحمد : ثقة ، ليس به بأس . وعن يحيى : ثقة وكان يرى القدر . روى له الجماعة ; البخاري مستشهدا .

وعمر بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري أبو حفص المدني ، واستشهد به البخاري ، وروى له الباقون سوى ابن ماجه ، وأخرج هذا أصحاب السير .

قوله : "نحن الكرام . . " إلى آخره من بحر البسيط ، وأصله في الدائرة مستفعلن فاعلن ثمان مرات . والكرام جمع كريم .

قوله : "يعادلنا " أي يساوينا ويقاربنا .

قوله : "يقسم الربع " بضم الراء والباء ، أراد به ربع الغنيمة ، وهو واحد من أربعة ، يقال : ربع وربع ، بتسكين الباء وضمها .

قوله : "من السديف " أراد به شحم السنام ، وقال الجوهري : والسديف : السنام ، ومنه قول الشاعر :


إذا ما الخصيف العوبثاني ساءنا . . . تركناه واخترنا السديف المسرهدا



[ ص: 42 ] ومادته : سين ودال -مهملتان - وفاء .

قوله : "إذا لم يؤنس القزع " بالقاف والزاي المعجمة المفتوحتين ، وهو السحاب ، والمعنى : نطعم الشحم في المحل .

قوله : "فلا يعدل " بالجزم لأجل الوزن .

قوله : "نصرنا رسول الله . . . . " إلى آخره . من بحر الطويل ، وأصله في الدائرة : فعولن مفاعيلن ، ثمان مرات .

قوله : "عنوة " أي قهرا وغلبة ، من عنى يعنوا : إذا ذل وخضع ، والعنوة : المرة منه ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذل ، وانتصابها على أنها صفة لمصدر محذوف أي نصرنا نصرا عنوة ، أي : نصرا قاهرا للمشركين ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذي في "نصرنا " والمعنى : نصرنا قاهرين غالبين عليهم ، والمصدر مستغن عن التثنية والجمع .

قوله : "على رغم عات " أي على ذل عات وقهره ، يقال : رغم يرغم ورغم يرغم -من باب علم يعلم ، وضرب يضرب رغما ورغما ورغما ، وأرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب ، هذا هو الأصل ، ثم استعمل في العجز والذل ، والانقياد على كره .

و"العاتي " من عتى يعتو عتوا فهو عات ، وهو التجبر والتكبر ، وفي بعض الروايات : على رغم باد من معد وحاضر ، وهذه هي الأصح ; لأن الباد هو اللائق بالذكر في مقابلة الحاضر ، وأراد بالمعد : معد بن عدنان وهو أبو العرب ، وأراد بالباد : الذي يسكن البادية وهم أهل الوبر ، وبالحاضر : الذي يسكن المدن والقرى ، وهم أهل المدر ، ولا شك أن النبي -عليه السلام - انتصر على العرب كلهم من أهل البادية والحضر جميعا .

قوله : "بضرب " . متعلق بقوله : نصرنا .

قوله : "كإيزاع المخاض مشاشة " ذكر الإيزاع وأراد به التوزيع وهو التفريق ، والمعنى كتفريق المخاض مشاشة أي بولد ، والمشاش -بضم الميم وبالشينين

[ ص: 43 ] المعجمتين : البول ، والمخاض اسم للنوق الحوامل ، واحدتها خلفة من غير لفظه ، وبنت المخاض وابن المخاض ما دخل في السنة الثانية ; لأن أمه [لحقت] بالمخاض أي الحوامل وإن لم تكن حاملا ، وفي بعض الرواية : "كإيزاغ المخاض " بالغين المعجمة ، وهو أيضا بمعنى الإيزاع بالمهملة ، وثلاثته وزع يزع وزعا ، والإيزاع أصله الأوزاغ ، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله ، ومشاشة مفعوله ; والضمير فيه يرجع إلى المخاض .

وقوله : "وطعن " عطف على قوله : و"ضرب " الضرب بالسيوف وما أشبهها ، والطعن بالرماح وما أشبهها .

قوله : "كأفواه اللقاح الصوادر " اللقاح -بكسر اللام : ذوات الألبان ، الواحدة لقوح ، و"الصوادر " جمع صادرة ، وهي التي تصدر عن الماء ريا ، فلا تحتاج إلى المقام لأجل الماء ، وشبه الضرب بإيزاع الإبل عن الماء بالطعن بأفواهها حتى تصدر ; لأنه أراد الضرب بالمتابعة في زمن طويل كبول الإبل ، فإنه يبول شيئا فشيئا ويمده زمانا ، وأراد بالطعن الواسع فيه ; لأنه هو المهلك ، شبه بأفواه الإبل الصوادر ; لأنها حينئذ تفتح فاها بخلاف وقت الإيراد .

قوله : "في حومة الوغى " أي في معظم القتال ، وكذلك حومة الماء والرمل وغيرهما : معظمها ، و"الوغى " بالغين المعجمة : الحرب ، والوغى في الأصل مثل الوعى بالمهملة ، ومنه قيل : الحرب وغى ; لما فيه من الضرب والجلبة .

قوله : "ونضرب هام الدارعين " الهام جمع هامة ، وهي الرأس ، والدارعين جمع دارع وهو الذي عليه الدرع ، وهو الزردية .

قوله : "وننتمي " أي ننتسب "إلى حسب " وهو الشرف في الآباء وما يعده الإنسان من مفاخرهم ، وقيل: إن الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف، والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء .

[ ص: 44 ] قوله : "من جذم غسان " جذم الشيء بالكسر أصله ، وغسان اسم قبيلة ، قال الجوهري : غسان : اسم ماء نزل عليه قوم من الأزد فنسبوا إليه ، منهم بنو حنيفة رهط الملوك .

قوله : "باهر " صفة للجذم ، أي ظاهر ، يقال : بهرت الشمس الأرض : أتي عليها نورها وضوءها ، وفي بعض الرواية : "قاهر " من القهر وهو من الغلبة ، والأول أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية