صفحة جزء
7049 7050 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام - في نفي الإعداء : ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا مسدد ، قال : ثنا يحيى ، عن هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي ، أن سعيد بن المسيب قال : "سألت سعدا عن الطيرة ، فانتهرني ، وقال : من حدثك ؟ فكرهت أن أحدثه ، فقال : سمعت رسول الله -عليه السلام - يقول : لا عدوى ولا طيرة " .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا حبان ، قال : ثنا أبان ، قال : ثنا يحيى . . ... ، فذكر بإسناده مثله ، وزاد : " ولا هامة " . .


ش: ذكر هذا الحديث وما بعده من الأحاديث شاهدة لصحة ما ذهب إليه من خالف أهل المقالة الأولى في قولهم : لا يورد الممرض على المصح ، وينبغي الفرار والاجتناب عن ذي داء وعاهة .

وأخرج هذا الحديث من طريقين صحيحين ، وقد ذكرهما بعينهما عن قريب .

وأخرج البزار في "مسنده " نحو الأول قال : ثنا محمد بن المثنى ، عن عبيد الله بن موسى ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي . . . . إلى آخره نحوه .

وأبو داود نحو الثاني : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا أبان ، قال : ثنا يحيى ، أن الحضرمي بن لاحق حدثه ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن مالك أن رسول الله -عليه السلام - كان يقول : "لا هامة ولا عدوى ولا طيرة ، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار " .

[ ص: 77 ] قوله : "لا عدوى " اسم من الإعداء ، وقد فسرناه عن قريب .

و"الطيرة " بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن ، وهي التشاؤم بالشيء ، وهو مصدر تطير ، يقال : تطير طيرة كما يقال : تخير خيرة ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع ، وأبطله ، ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر .

و"الهامة " : الرأس واسم طائر ، وهو المراد في الحديث ; وذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها ، وهي من طير الليل ، وقيل : هي البومة ، وقيل : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة ، فتقول : اسقوني ، فإذا أدرك بثأره طارت . أو قيل : كانوا يزعمون أن عظام الميت -وقيل : روحه - تصير هامة فتطير ، ويسمونه : الصدى ، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه . ذكره الهروي في الهاء والواو ، وذكره الجوهري في الهاء والباء .

التالي السابق


الخدمات العلمية