صفحة جزء
7075 ص: وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الباب أيضا معنى ما روي عن رسول الله -عليه السلام - في الطاعون في نهيه عن الهبوط عليه ، وفي نهيه عن الخروج منه ، وأن نهيه عن الهبوط عليه خوفا أن يكون قد سبق في علم الله -عز وجل - أنهم إذا هبطوا عليه أصابهم ، فيهبطون فيصيبهم ، فيقولون : أصابنا لأنا هبطنا عليه ، ولولا أنا هبطنا عليه لما أصابنا .

[ ص: 97 ] وأن نهيه عن الخروج منه لئلا يخرج رجل فيسلم فيقول : سلمت لأني خرجت ، ولولا أني خرجت لم أسلم ، فلما كان النهي عن الخروج عن الطاعون ، وعن الهبوط عليه لمعنى واحد وهو الطيرة لا الإعداء ; كان كذلك قوله : "لا يورد ممرض على مصح " هو الطيرة أيضا لا الإعداء ; فنهاهم رسول الله -عليه السلام - في هذا كله عن الأسباب التي من أجلها يتطيرون ، وفي حديث أسامة الذي رويناه عن رسول الله -عليه السلام - ، "وإذا وقع بأرض وهو بها فلا يخرجه الفرار منه " دليل على أنه لا بأس بأن يخرج منها لا على الفرار منه .


ش: المعنى الذي ذكره في قوله -عليه السلام - : "إذا كان الطاعون بأرض فلا تهبطوا عليه ، وإذا كان بأرض أنتم بها فلا تفروا منه " مما يؤيد المعنى الذي ذكره في التوفيق بين الأحاديث التي فيها نفي الإعداء ; وبين قوله -عليه السلام - : "لا يورد ممرض على مصح " وهو ظاهر .

وقوله : "فلما كان النهي عن الخروج . . . . " إلى آخره إشارة إلى أن حاصل المعنى المذكور يرجع إلى معنى الطيرة لا إلى معنى الإعداء ، فإذا كان المعنى على هذا ; كان معنى قوله : "لا يورد ممرض على مصح " راجعا إلى معنى الطيرة لا الإعداء ، فكأن النهي في الأحاديث المذكورة عن مباشرة الأسباب التي كانوا يتطيرون من أجلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية