صفحة جزء
7076 7077 ص: وقد دل على ذلك أيضا ما حدثنا يونس ، قال : أنا بشر بن بكر ، قال : أنا الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، - رضي الله عنه - أن نفرا من عكل ، قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فاجتووها ، . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لو خرجتم إلى ذود فشربتم من ألبانها وأبوالها ، ففعلوا فصحوا . . . . " ثم ذكر الحديث .

حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا سماك بن حرب ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك قال : " أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر مرضى من حي من أحياء العرب ، فأسلموا وبايعوه ، وقد وقع بالمدينة الموم ، وهو البرسام ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا الوجع قد وقع ، فلو أذنت لنا فخرجنا إلى الإبل فكنا فيها ؟ قال : نعم ، اخرجوا فكونوا فيها " .

[ ص: 98 ] ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام - أمرهم بالخروج إلى الإبل ، وقد وقع الوباء بالمدينة ، ، فكان ذلك عندنا -والله أعلم - على أن يكون خروجهم للعلاج لا للفرار منه ; فثبت بذلك أن الخروج من الأرض التي وقع فيها الطاعون مكروه للفرار منه ; مباح لغير الفرار .


ش: أي وقد دل على أنه لا بأس بالخروج من الأرض التي وقع فيها الوباء إذا كان لا على وجه الفرار منه ، ما روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - .

وأخرجه من طريقين صحيحين :

الأول : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن بشر بن بكر التنيسي شيخ الشافعي ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير الطائي ، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي ، عن أنس .

وأخرجه : ثنا سليمان بن حرب ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : قدم أناس من عكل أو عرينة . فاجتووا المدينة ، فأمرهم النبي -عليه السلام - بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا ، فلما صحوا قتلوا راعي النبي -عليه السلام - واستاقوا النعم ، فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم ، فلما ارتفع النهار جيء بهم ، فأمر فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمرت أعينهم ، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون ، قال أبو قلابة : فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله " .

وأخرجه البخاري في جامعه في مواضع متعددة .

وأخرجه أبو داود : عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد . . . . إلى آخره .

[ ص: 99 ] وأخرجه أيضا عن عمرو بن عثمان ، عن الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي قلابة ، عن أنس .

الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي شيخ البخاري ، عن زهير بن معاوية ، عن سماك بن حرب ، عن معاوية بن قرة بن إياس البصري ، عن أنس - رضي الله عنه - .

وأخرجه مسلم : ثنا هارون بن عبد الله ، قال : ثنا مالك بن إسماعيل ، قال : نا زهير ، قال : ثنا سماك بن حرب ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس قال : "أتى رسول الله -عليه السلام - نفر من عرينة وأسلموا وبايعوه ، وقد وقع بالمدينة الموم وهو البرسام . . . . " الحديث .

وأخرجه مسلم بطرق متعددة .

قوله : "اجتووه " أي أصابهم الجوى -بالجيم - وهو المرض ، وداء الجوف إذا تطاول ، وذلك إذا لم يوافقهم هواها واستوخموه ، يقال : اجتويت البلد ; إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة .

قوله : "إلى ذود " الذود من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع ، وقيل : ما بين الثلاث إلى العشر ، واللفظة مؤنثة ولا واحد لها من لفظها ، كالنعم ، وقال أبو عبيد : الذود من الإبل الإناث دون الذكور .

قوله : "وقد وقع بالمدينة الموم " بميمين بينهما واو ساكنة أولاهما مضمومة ، هو البرسام مع الحمى ، وقيل : هو بثر أصغر من الجدري ، و"الموم " أيضا الشمع وهو معرب .

و"البرسام " بكسر الباء وهي علة معروفة .

ويستفاد من هذا الحديث أحكام قدمناها في مواضعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية