صفحة جزء
7191 7192 7193 7194 7195 [ ص: 198 ] ص: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إباحة الرقى كلها ما لم تكن شركا : ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : " كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله ، كنا نرقي في الجاهلية فما ترى في ذلك ؟ قال : اعرضوا علي رقاكم ، فلا بأس بالرقى ما لم تكن شرك " . .

فهذا يحتمل أيضا ما احتمله ما روينا قبله ، فاحتجنا أن نعلم : هل هذه الإباحة للرقى متأخرة لما روي في النهي عنها ، أو ما روي في النهي عنها يكون متأخرا فيكون ناسخا لها ، فنظرنا في ذلك ،

فإذا ربيع المؤذن : قد حدثنا ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر : " أن عمرو بن حزم دعي لامرأة بالمدينة ، لدغتها حية ليرقيها فأبى ، فأخبر بذلك رسول الله -عليه السلام - فدعاه ، فقال عمرو : : يا رسول الله ، إنك تزجر عن الرقى ، فقال : اقرأها علي ، فقرأها عليه ، فقال رسول الله -عليه السلام - : لا بأس بها ، إنما هي مواثيق فارق بها " .

حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا وكيع ، قال : عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر - رضي الله عنه - قال : "لما نهى رسول الله -عليه السلام - عن الرقى أتاه خالي ، فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وإني أرقي من العقرب ، قال : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .

حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا يحيى بن حماد ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن سليمان ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : "كان أهل بيت من الأنصار يرقون من الحية ، فنهى رسول الله -عليه السلام - عن الرقى ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، إني كنت أرقي من العقرب وإنك نهيت عن الرقى ، فقال رسول الله -عليه السلام - من استطاع منكم أن [ينفع] أخاه فليفعل . قال : وأتاه رجل كان يرقي من الحية ، فقال : اعرضها علي ، فعرضها عليه ، فقال : لا بأس بها إنما ، هي مواثيق " .

[ ص: 199 ] فثبت بما ذكرنا أن ما روي في إباحة الرقى ناسخ لما روي في النهي عنها ، ثم أردنا أن ننظر في تلك الرقى كيف هي ؟ فإذا عوف بن مالك حدث عن رسول الله -عليه السلام - : "أنه لا بأس بها ما لم تكن شرك " .


ش: ملخص هذا الكلام إثبات الإباحة في الرقى ما لم تكن فيها ألفاظ تؤدي إلى الشرك وبيان أن ما روي من إباحة ذلك قد نسخ ما روي من النهي عنها .

وأخرج في ذلك عن عوف بن مالك الأشجعي وجابر بن عبد الله الأنصاري .

أما عن عوف فأخرجه بإسناد صحيح .

وأخرجه مسلم : نا أبو الطاهر ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : "كنا نرقي في الجاهلية ، فقلنا : يا رسول الله ، كيف ترى في ذلك ؟ فقال : اعرضوا علي رقاكم ، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " .

وأما عن جابر : فأخرجه من ثلاث طرق :

الأول : عن ربيع بن سليمان المؤذن ، عن أسد بن موسى ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي ، عن جابر .

الثاني : إسناده صحيح . عن ربيع بن سليمان أيضا ، عن أسد السنة ، عن وكيع ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان طلحة بن نافع ، عن جابر .

وأخرجه مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج ، قالا : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : "كان لي خال يرقي من العقرب ، فنهى رسول الله -عليه السلام - عن الرقى ، قال : فأتاه فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب ، فقال : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .

[ ص: 200 ] الثالث : إسناده صحيح أيضا . عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن يحيى بن حماد بن أبي زياد الشيباني البصري ختن أبي عوانة ، شيخ البخاري ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان طلحة بن نافع .

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده " : ثنا زهير ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : "كان جار لي من الأنصار يرقي من الحمة ، فنهى رسول الله -عليه السلام - عن الرقى ، فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وإني كنت أرقي من الحمة ، فقال رسول الله -عليه السلام - : اعرضها علي ، قال : فعرضها فقال : لا بأس بهذا ، هذه من المواثيق " .

وأخرج عن عبد الله بهذا الإسناد قال : "كان رجل من الأنصار يرقي من العقرب ، فنهى رسول الله -عليه السلام - عن الرقى ، فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وإني كنت أرقي من العقرب ، فقال رسول الله -عليه السلام - : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .

قوله : "إنما هي مواثيق " أي عهود ، وهو جمع ميثاق ، افتعال من الوثاق وهو في الأصل حبل وقيد يشد به الأسير والدابة .

التالي السابق


الخدمات العلمية