صفحة جزء
7204 7205 ص: وقد روي في ذلك أيضا عن عمر - رضي الله عنه - ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : " جدب لنا عمر السمر بعد العشاء الآخرة " .

ففي هذا الحديث أن عمر - رضي الله عنهم - جدب لهم السمر بعد العشاء الآخرة ، ولم يبين لنا في هذا الحديث أي سمر ذلك السمر ؟ فنظرنا في ذلك ، فإذا سليمان بن شعيب قد حدثنا ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : ثنا شعبة ، عن الجريري ، قال : سمعت أبا نضرة ، عن أبي سعيد مولى الأنصار قال : "كان عمر - رضي الله عنه - لا يدع سامرا بعد العشاء الآخرة ، يقول : ارجعوا لعل الله يرزقكم صلاة أو تهجدا ، فانتهى إلينا وأنا قاعد مع ابن مسعود 5 وأبي بن كعب 5 وأبي ذر ، - رضي الله عنهم - فقال : ما يقعدكم ؟ قلنا : أردنا أن نذكر الله ، فقعد معهم " .

فهذا عمر ، - رضي الله عنه - قد كان ينهاهم عن السمر بعد العشاء ليرجعوا إلى بيوتهم ليصلوا ، أو ليناموا نوما ثم يقومون لصلاة يكونون بذلك متهجدين ، . فلما سألهم ما الذي أقعدهم ؟ فأخبروه أنه ذكر الله ، لم ينكر ذلك عليهم وقعد معهم ; لأن ما كان يقيمهم له هو الذي هم قعود له .

فثبت بذلك أن السمر الذي في حديث أبي وائل عن عبد الله أن رسول الله -عليه السلام - وعمر - رضي الله عنه - جدبا لهم هو الذي فيه قربة إلى الله -عز وجل - ، والمنهي عنه في حديث أبي برزة هو الذي لا قربة فيه لتستوي معاني هذه الآثار فتتفق ولا تتضاد .


[ ص: 204 ] ش: أي وقد روي في حكم السمر أيضا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما حدثنا محمد بن خزيمة . . . . إلى آخره .

وأخرجه بإسناد صحيح : عن ابن خزيمة ، عن حجاج بن منهال شيخ البخاري ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن عبد الله بن مسعود .

قوله : "ولم يبين لنا عمر . . . . " إلى آخره . أشار بهذا الكلام إلى بيان المراد من قول عبد الله بن مسعود : "إن رسول الله -عليه السلام - جدب لنا السمر بعد صلاة العتمة ، وكذا عمر بن الخطاب أنه جدب لنا السمر بعد العشاء " أن النبي -عليه السلام - وعمر ما أرادا من السمر ، وأي سمر هو ؟

فنظرنا في ذلك فإذا أبو سعيد مولى الأنصار بين ذلك في حديثه ، من أن المراد من ذلك هو السمر الذي فيه قربة إلى الله -عز وجل - ، وأنه غير مكروه .

وأخرج ذلك بإسناد صحيح ، عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي ، عن شعبة ، عن سعيد بن إياس الجريري -بضم الجيم وفتح الراء الأولى - نسبة إلى جرير بن عباد أخي الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن بكر بن وائل ، عن أبي نضرة -بالنون والضاد المعجمة - هو المنذر بن مالك العوفي ، روى له الجماعة ; البخاري مستشهدا ، عن أبي سعيد مولى الأنصار ، ذكره ابن حبان في الثقات التابعين ، ولم يذكر له اسما ، وقال : مولى لبني أسد الأنصاري .

قوله : "لا يدع سامرا " أي لا يتركه .

قوله : "فثبت بذلك ، أي بما ذكرنا من أثر أبي سعيد مولى الأنصار أن السمر الذي في حديث أبي وائل عن عبد الله "أن النبي -عليه السلام - جدب لنا السمر . . . . " الحديث ، وعن أبي وائل عن عبد الله قال : "جدب لنا عمر السمر . . . . " إلى آخره هو السمر الذي فيه قربة إلى الله -عز وجل - فهذا الكلام ينادي بأعلى صوته ؟ ؟ ؟ وغيره فافهم ; فإنه موضع التأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية