صفحة جزء
7216 7217 7218 7219 7220 7221 7222 7223 7224 ص: حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق ، قالا : ثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : ثنا حميد ، عن أنس ، قال : قال عمر : - رضي الله عنه - : " قلت : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو حجبت أمهات المؤمنين . فأنزل الله -عز وجل - آية الحجاب " .

حدثنا حسين بن نصر ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، قال : أنا حميد . . . . فذكر بإسناده مثله .

حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة ، عن عائشة : " أن أزواج النبي -عليه السلام - كن يخرجن بالليل إلى المناصع وهو صعيد أفيح ، ، وكان عمر - رضي الله عنه - يقول لرسول الله -عليه السلام - : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله -عليه السلام - يفعل ، فخرجت سودة ذات ليلة -وكانت امرأة طويلة - فناداها عمر ، : ألا قد عرفناك يا سودة ، ؛ حرصا على أن تنزل آية الحجاب ، قالت عائشة : فأنزل الحجاب " .

حدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني الليث . . ... ، فذكر بإسناده مثله .

حدثنا روح ، قال : ثنا يحيى ، قال : حدثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني أنس بن مالك ، - رضي الله عنه - قال : "كنت أعلم الناس بشأن الحجاب فيما أنزل ؟ وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله -عليه السلام - بزينب بنت جحش ، ، أصبح بها عروسا . فدعا القوم ، فأصابوا من الطعام ثم خرجوا ، وبقي رهط منهم عند رسول الله -عليه السلام - فأطالوا المكث ، فقام رسول الله -عليه السلام - فخرج وخرجت معه حتى جاء عتبة حجرة عائشة - رضي الله عنها - ثم ظن رسول الله -عليه السلام - أنهم قد خرجوا ، فرجع ورجعت معه حتى دخل على زينب ، فإذا هم جلوس ، فرجع رسول الله -عليه السلام - ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة ، وظن أنهم خرجوا رجع ورجعت معه ، فإذا هم قد خرجوا ، فضرب رسول الله -عليه السلام - بيني وبينه بالستر ، وأنزل الحجاب " .

[ ص: 215 ] حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا عبد الله بن بكر ، قال : ثنا حميد الطويل ، عن أنس قال : " أولم رسول الله -عليه السلام - حين بنى بزينب بنت جحش ، ، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين ، فلما رجع إلى بيته رأى رجلين قد مد بهما الحديث ، فوثبا مسرعين ، فرجع حتى دخل البيت ، وأرخى الستر ، وأنزلت آية الحجاب " .

حدثنا إبراهيم بن منقذ ، قال : ثنا المقرئ ، عن جرير ، عن سلم العلوي ، عن أنس بن مالك قال : "كنت خادم رسول الله -عليه السلام - فكنت أدخل عليه بغير إذن ، فجئت يوما أدخل فقال : كما أنت ، فإنه قد حدث بعدك أمر ، فلا تدخل علينا إلا بإذن " .

حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا سليمان بن حرب ، قال : ثنا حماد ، عن سلم العلوي ، عن أنس بن مالك ، قال : "لما أنزلت آية الحجاب جئت أدخل كما كنت أدخل ، فقال النبي -عليه السلام - : رويدا ، وراءك يا بني " .

حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عبيد الله بن معاذ ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي مجلز ، عن أنس بن مالك قال : "لما تزوج النبي -عليه السلام - زينب بنت جحش ، ودعا القوم ، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون ، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا ، فلما رأى ذلك قام وقام من قام معه من القوم ، وقعد الثلاثة ، ثم إن النبي -عليه السلام - جاء فدخل فإذا القوم جلوس ، ثم إنهم قاموا وانطلقوا ، فجئت فأخبرت النبي -عليه السلام - أنهم قد انطلقوا ، فجاء فدخل ، وأنزلت آية الحجاب : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم " .

قال أبو جعفر : -رحمه الله - : فكن أمهات المؤمنين قد خصصن في الحجاب ما لم يجعل فيه سائر النساء مثلهن .


ش: ذكر هذه الأحاديث لبيان قوله : "ففضلن بذلك على سائر النساء " .

[ ص: 216 ] وأخرجها من تسع طرق :

الأول : إسناده صحيح . عن أبي بكرة بكار القاضي ، وإبراهيم بن مرزوق ، كلاهما عن عبد الله بن بكر السهمي ، عن حميد الطويل ، عن أنس .

وأخرجه أحمد في "مسنده " بأتم منه : ثنا هشيم ، أنا حميد ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال عمر - رضي الله عنه - : "وافقت ربي في ثلاث ; قلت : يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلت : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت : يا رسول الله ، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر ، فلو أمرتهن أن يحتجبن ، فنزلت آية الحجاب ، واجتمع على رسول الله -عليه السلام - نساءه في الغيرة ، فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، قال : فنزلت كذلك " .

وأخرجه البخاري : ثنا مسدد ، عن يحيى بن سعيد ، عن حميد ، عن أنس قال : قال عمر : "وافقت الله في ثلاث -أو وافقني ربي في ثلاث - فقلت : يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى . . . . " الحديث .

الثاني : أيضا صحيح ، عن حسين بن نصر ، عن يزيد بن هارون شيخ أحمد ، عن حميد الطويل ، عن أنس .

وأخرجه البزار في "مسنده " نحوه : عن عمرو بن علي ، عن يزيد بن زريع ، عن حميد ، عن أنس - رضي الله عنه - .

الثالث : رجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا شيخ الطحاوي .

وعقيل -بضم العين - ابن خالد الأيلي .

[ ص: 217 ] وأخرجه مسلم : ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، قال : حدثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب . . . . إلى آخره نحوه .

قوله : "إلى المناصع " وهي المواضع التي يتخلى فيها لقضاء الحاجة ، واحدها منصع ; لأنه يبرز إليها ويطهر ، قال الأزهري : أراها مواضع مخصوصة خارج المدينة ، ومنه الحديث : "إن المناصع صعيد أفيح خارج المدنية " .

قوله : "أفيح " أي واسع ، وكل موضع واسع يقال له : أفيح ، وروضة فيحاء أي واسعة ، وبيت فياح أي واسع .

قوله : "سودة " وهي بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية ، أم المؤمنين زوج النبي -عليه السلام - .

قوله : "حرصا " نصب على التعليل ، أي لأجل الحرص على نزول آية الحجاب .

الرابع : أيضا صحيح . عن روح بن الفرج القطان شيخ الطبراني ، عن يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي المصري شيخ البخاري ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

الخامس : أيضا صحيح .

وأخرجه مسلم : حدثني عمرو الناقد ، قال : ثنا يعقوب بن سعد ، قال : نا أبي ، عن صالح ، قال ابن شهاب : إن أنس بن مالك قال : "أنا أعلم الناس بالحجاب ، لقد كان أبي بن كعب يسألني عنه ، قال أنس : أصبح رسول الله -عليه السلام - عروسا بزينب بنت جحش ، قال : وكان تزوجها بالمدينة ، فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار ، فجلس رسول الله -عليه السلام - وجلس معه رجال بعدما قام القوم ، حتى قام رسول الله -عليه السلام - فمشى ، فمشيت معه حتى بلغ حجرة عائشة - رضي الله عنها - ثم ظن أنهم قد خرجوا ، فرجع ورجعت معه ، وإذا هم جلوس مكانهم ،

[ ص: 218 ] فرجع فرجعت الثانية حتى بلغ حجرة عائشة ، فرجع فرجعت ، فإذا هم قد قاموا ، فضرب بيني وبينه بالستر ، وأنزل الله آية الحجاب "
.

قوله : "في مبتنى رسول الله -عليه السلام - " من الابتناء ، الابتناء والبناء : الدخول بالزوجة ، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها ، فيقال : بنى الرجل على أهله ، قال الجوهري : ولا يقال : بنى بأهله .

وهذا القول فيه نظر ، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث ، وعاد الجوهري استعمله في كتابه .

والمبتنى ها هنا يراد به الابتناء ، فأقامه مقام المصدر .

قوله : "وبقي رهط منهم " الرهط ما دون العشرة من الرجال ، لا يكون فيهم امرأة ، قال الله تعالى : وكان في المدينة تسعة رهط فجمع وليس لهم واحد من لفظه مثل ذود ، والجمع : أرهط ، وأرهاط ، وأراهط ، كأنه جمع أرهط وأراهيط .

قوله : "فإذا هم جلوس " أي جالسون ، كالركوع جمع راكعين .

السادس : أيضا صحيح ، عن أبي بكرة بكار القاضي .

وأخرجه البخاري بأتم منه : ثنا إسحاق بن منصور ، أنا عبد الله بن بكر السهمي ، ثنا حميد ، عن أنس قال : "أولم رسول الله -عليه السلام - حين بنى بزينب ابنة جحش ، فأشبع الناس خبزا ولحما ، ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه ، فيسلم عليهن ويدعو لهن ، ويسلمن عليه ويدعون له ، فلما رجع إلى بيته ، رأى رجلين جرى بهما الحديث ، فلما رآهما رجع عن بيته ، فلما رأى الرجلان نبي الله -عليه السلام - رجع عن بيته وثبا مسرعين ، فما أدري أنا أخبرته بخروجهما أم أخبر ؟ فرجع حتى دخل البيت ، وأرخى الستر بيني وبينه ، وأنزلت آية الحجاب " .

[ ص: 219 ] السابع : عن إبراهيم بن منقذ العصفري ، عن عبد الله بن يزيد المقرئ القصير شيخ البخاري ، عن جرير بن حازم ، عن سلم بن قيس العلوي البصري -وليس هو من ولد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعن يحيى : ضعيف . قال البخاري : تكلم فيه شعبة . وقال النسائي : ليس بالقوي .

الثامن : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن سلم العلوي .

وأخرجه أحمد في "مسنده " : ثنا أبو كامل مظفر بن مدرك قال : ثنا حماد بن زيد ، عن سلم العلوي ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : "لما نزلت آية الحجاب جئت أدخل كما كنت أدخل ، فقال النبي -عليه السلام - : وراءك يا بني " .

وأخرجه أبو يعلى أيضا : عن أبي الربيع ، عن حماد بن زيد ، عن سلم العلوي . . . . إلى آخره نحوه .

قوله : "رويدا " نصب على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره : تأخر تأخرا رويدا وراءك .

التاسع : إسناد صحيح ، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عبيد الله بن معاذ العنبري البصري -شيخ مسلم وأبي داود - عن المعتمر بن سليمان التيمي البصري ، روى له الجماعة ، عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي ، روى له الجماعة ، عن أبي مجلز لاحق بن حميد الأعور البصري ، روى له الجماعة ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - .

وأخرجه مسلم : نا يحيى بن حبيب الحارثي ، وعاصم بن النضر التميمي ومحمد بن عبد الأعلى ، كلهم عن معتمر -واللفظ لابن حبيب - قال : نا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي ، قال : نا أبو مجلز ، عن أنس بن مالك قال : "لما تزوج [ ص: 220 ] النبي -عليه السلام - زينب بنت جحش دعا القوم ، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون ، قال : فأخذ النبي يتهيأ للقيام فلم يقوموا ، فلما رأى ذلك قام ، فلما قام ، قام من قام من القوم -زاد عاصم وابن عبد الأعلى في حديثهما- قال : "فقعد ثلاثة وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء ليدخل ، فإذا القوم جلوس ، ثم إنهم قاموا فانطلقوا ، قال : فجئت ، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد انطلقوا . قال : فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه . قال : فأنزل الله -عز وجل - : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه إلى قوله : إن ذلكم كان عند الله عظيما انتهى .

[واعلم أن هذه الآية تضمنت أحكاما :

منها : النهي عن دخول بيت رسول الله -عليه السلام - إلا بإذن ، وأنهم إذا أذن لهم لا يقعدون للحديث .

ومنها : النهي عن انتظار وقت طعام لم يحضر ولم ينضج في بيت رجل ; لأن ذلك مما يؤذي صاحب البيت .

ومنها : اختصاص أمهات المؤمنين في الحجاب بما لم يجعل فيه غيرهن مثلهن .

فإن قيل : كيف أضاف البيوت ها هنا إلى النبي -عليه السلام - وأضافها إلى نسائه في قوله : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [الأحزاب : 34] .

قلت : إضافة البيوت إلى النبي -عليه السلام - إضافة ملك ، وإضافتها إلى الأزواج إضافة محل ; بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبي -عليه السلام - ، والإذن إنما يكون للمالك] .

التالي السابق


الخدمات العلمية