صفحة جزء
7246 7247 ص: وأما وجهه من طريق النظر فقد رأينا الملائكة لا بأس أن نتسمى بأسمائهم ، فكذلك سائر الأنبياء -عليهم السلام - غير نبينا -عليه السلام - فلا بأس أن يتسمى بأسمائهم ويكنى بكناهم ، ويجمع بين اسم كل واحد منهم وكنيته ، فهذا نبينا - صلى الله عليه وسلم - لا بأس أن يتسمى باسمه ، فالنظر على ذلك أن لا بأس أن يتكنى بكنيته ، وأن لا بأس أن يجمع بين اسمه وكنيته ، فهذا هو النظر في هذا الباب ، غير أن اتباع ما ثبت عن رسول الله -عليه السلام - أولى .

[ ص: 244 ] فقد روي عن رسول الله -عليه السلام - في ذلك أيضا ما حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول : "ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم ، ، فقلت : لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينا . فأتى النبي -عليه السلام - ، فذكر ذلك له ، فقال : سم ابنك عبد الرحمن " فهذه الأنصار قد أنكرت على هذا الرجل أن يسمي ابنه القاسم ، ؛ لئلا يكتني به وقصدوا بالكراهة في ذلك إلى الكنية خاصة ، ثم لم ينكر ذلك عليهم رسول الله -عليه السلام - لما بلغه ، فدل ذلك أن نهي رسول الله -عليه السلام - عن التكني بكنيته على أن لا يتكنى أحد بكنيته يتسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم به .


ش: أي : وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس ، أراد أن [القياس يقتضي أن يباح] التسمي باسم محمد والتكني بكنيته ، كما يباح ذلك بأسماء سائر الأنبياء -عليهم السلام - وكناهم ، وكما يتسمى بأسماء الملائكة ، ولكن ما ثبت عن النبي -عليه السلام - فالاتباع به أولى ويرفع به القياس ، وقد ثبت عنه -عليه السلام - أنه نهى عن التكني بكنيته سواء تسمي مع ذلك باسمه أو لم يتسم ، وقد أوضح ذلك الطحاوي بقوله : "فقد روي عن رسول الله -عليه السلام - " .

وأخرجه بإسناد صحيح ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله .

وأخرجه مسلم : ثنا عمرو الناقد محمد بن عبد الله بن نمير جميعا عن سفيان ، قال عمرو : ثنا سفيان بن عيينة ، قال : ثنا ابن المنكدر ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : "ولد لرجل منا . . . . " إلى آخره نحوه سواء .

فدل ذلك أن النهي من رسول الله -عليه السلام - عن التكني بكنيته مطلقا سواء تسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم .

قوله : "لا نكنيك " من كناه بكنيته بالتخفيف .

[ ص: 245 ] قوله : "ولا ننعمك عينا " بضم النون الأولى وسكون الثانية ، والمعنى : لا تقر به عين ، وهو نصب على التمييز ، ومنه : أنعم الله بك عينا ، والمعنى : نعمك الله عينا ، أي : نعم عينيك وأقرها ، والألف زائدة وقد يحذ فوقها ويقولون : نعمك الله عينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية