1. الرئيسية
  2. نخب الأفكار شرح معاني الآثار
  3. كتاب العتاق
  4. باب الأمة يطأها مولاها ، ثم يموت وقد جاءت بولد في حياته هل يكون ابنه وتكون له أم ولد أم لا ؟
صفحة جزء
4725 ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: " كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح أخذه سعد، ، وقال: ابن أخي، وقد كان عهد إلي فيه. وقال: عبد بن زمعة: : أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه. فقال رسول الله -عليه السلام-: هو لك يا عبد بن زمعة. . وقال رسول الله -عليه السلام-: الولد للفراش وللعاهر الحجر، . ثم قال رسول الله -عليه السلام- لسودة بنت زمعة: : " احتجبي منه؛ لما رأى به من شبهه بعتبة. ، قالت: فما رآها حتى لقي الله.


ش: ذكر الطحاوي هذا الحديث بغير هذا الإسناد، باب الرجل ينفي ولد امرأته حين يولد هل يلاعن أم لا؟ ولكنه مقتصرا على قوله: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر".

وأخرجه مالك في "موطئه" .

وكذلك أخرجه الجماعة غير الترمذي، وقد ذكرناه هناك.

وعتبة بن أبي وقاص هو أخو سعد بن أبي وقاص لأبيه، شهد أحدا مع المشركين ومات بعد ذلك كافرا، وزمعة بن قيس هو والد سودة بنت زمعة زوج النبي -عليه السلام-وهو بفتح الزاي والميم، والمحدثون يسكنون الميم- وكانت الإماء في الجاهلية [ ص: 129 ] يبغين، وكان مواليهن يأتونهن في خلال ذلك، فإذا أتت إحداهن بولد فربما يدعيه السيد، وربما يدعيه الزاني، فإن مات السيد، ولم يكن ادعاه ولا أنكره، فادعاه ورثته لحق به إلا أنه يشارك مستلحقه في ميراثه، إلا أن يستلحقه قبل القسمة، وإن كان السيد أنكره لم يلحق به بحال، وكان لزمعة بن قيس أمة باغية وهو يلم بها، فظهر بها حمل كان يظن أنه من عتبة بن أبي وقاص -وهلك كافرا- فعهد إلى أخيه سعد قبل موته، فقال: استلحق الحمل الذي بأمة زمعة، فلما استلحقه سعد - رضي الله عنه - خاصمه عبد بن زمعة، فقال سعد: هو ابن أخي، يشير إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، وقال عبد بن زمعة: "بل هو أخي، ولد على فراش أبي" يشير إلى ما استقر عليه الحكم في الإسلام. فقضى رسول الله -عليه السلام- لعبد بن زمعة; إبطالا لحكم الجاهلية.

فإن قيل: إذا كان الولد استقر لزمعة بن قيس صار أخا لسودة بنت زمعة، فلما قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه؟!.

قلت: هذا قد أشكل قديما على العلماء; فذهب أكثر القائلين بأن الحرام لا يحرم الحلال، وأن الزنا لا تأثير له في التحريم، وهو قول عبد الملك بن الماجشون - إلى أن قوله ذلك كان منه على وجه التنزه، وأن للرجل أن يمنع امرأته من رؤية أخيها، هذا قول الشافعي .

وقال طائفة: كان ذلك منه لقطع الذريعة بعد حكمه بالظاهر، فكأنه حكم بحكمين: حكم ظاهر وهو الولد للفراش، وحكم باطن وهو الاحتجاب من أجل الشبه، كأنه قال: ليس بأخ لك يا سودة إلا في حكم الله تعالى، فأمرها بالاحتجاب منه.

ومن هذا أخذ أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد أن وطأ الزنا محرم وموجب للحكم، وأنه يجري مجرى الوطئ الحلال في التحريم منه، وحملوا أمره -عليه السلام- لسودة بالاحتجاب على الوجوب، وهو أحد قولي مالك، وفي قوله [ ص: 130 ] الآخر: الأمر هاهنا للاستحباب، وهو قول الشافعي وأبي ثور; لأنهم يقولون: إن وطأ الزنا لا يحرم شيئا ولا يوجب حكما. والحديث حجة عليهم.

قوله: "هو لك يا عبد بن زمعة" معناه: هو لك بيدك عليه، لا أنك تملكه، ولكن يمنع بيدك عليه كل من سواك منه، كما قال في اللقطة: "وهي لك بيدك عليها، يدفع غيرك عنها حتى يجيء صاحبها" ليس على أنه ملك له.

قوله: "الولد للفراش" أي لصاحب الفراش.

"وللعاهر الحجر" أي للزاني الحجر.

قيل: معناه أن الحجر يرجم به الزاني المحصن، وقيل: معناه: أن الزاني له الخيبة، ولا حظ له في الولد; لأن العرب تجعل هذا مثلا في الخيبة كما يقال: "له التراب" إذا أرادوا: له الخيبة، وقد مر الكلام فيه مستوفى في باب الرجل ينفي ولد امرأته.

التالي السابق


الخدمات العلمية