صفحة جزء
5895 ص: وقد روي عن النبي -عليه السلام- من جهة أخرى ما يوافق ذلك أيضا:

حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي ، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال: "أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم منهم: سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وخارجة بن زيد ، وعبيد الله بن عبد الله في مشيخة من نظرائهم، أهل فقه وصلاح وفضل، فذكر جميع ما جمع من [ ص: 170 ] أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة، أنهم قالوا: الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته، ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي -عليه السلام-" فهؤلاء أئمة المدينة وفقهاؤها يقولون: إن الرهن يهلك بما فيه، ويرفع الثقة منهم إلى النبي -عليه السلام- فأيهم حكاه فهو حجة; لأنه فقيه إمام، ثم قولهم جميعا بذلك واجتماعهم عليه قد ثبت به صحة ذلك أيضا، ثم سعيد بن المسيب، ، وهو المأخوذ منه قول رسول الله -عليه السلام-: " لا يغلق الرهن ".


ش: أي قد روي عن النبي -عليه السلام- من جهة أخرى ما يوافق ما أوله النخعي وطاوس ومالك والثوري والزهري في حديث سعيد بن المسيب .

وهو ما أخرجه بإسناد جيد عن محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي المصري ، عن خالد بن نزار الأيلي ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد -بالنون- عبد الله بن ذكوان ، عن أبيه عبد الله قال: "أدركت ...." إلى آخره.

وعبد الرحمن هذا احتج به أبو داود والترمذي وابن ماجه، واستشهد به البخاري، وقال ابن المديني: حديثه بالمدينة حديث مقارب. وقد ذكر في حديثه ستة من الأئمة الكبار الثقات الأثبات أهل الفقه والصلاح والفضل والأمانة وجلالة القدر:

الأول: سعيد بن المسيب الذي هو سيد التابعين، الذي يقال له: فقيه الفقهاء.

الثاني: عروة بن الزبير بن العوام، ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وقال: كان ثقة كثير الحديث فقيها عالما مأمونا ثبتا. روى له الجماعة.

الثالث: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم - ذكره محمد بن سعد أيضا في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وقال فيه ما قال في عروة .

الرابع: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المدني، أحد الفقهاء السبعة. قيل: اسمه [ ص: 171 ] محمد، وقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، والصحيح أن كنيته واسمه واحد، قال ابن خراش: هو أحد أئمة المسلمين. روى له الجماعة.

الخامس: خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري أبو زيد، أحد الفقهاء السبعة، ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة، روى له الجماعة.

السادس: عبيد الله -بتصغير العبد- بن عبد الله -بالتكبير- بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني الفقيه الأعمى، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة. قال العجلي: كان أحد فقهاء المدينة، تابعي ثقة، رجل صالح، جامع للعلم، وهو معلم عمر بن عبد العزيز، روى له الجماعة.

قوله: "في مشيخة" بفتح الميم وكسر الشين: جمع شيخ، وكذلك أشياخ وشيوخ وشيخة وشيخان ومشايخ ومشيوخاء.

"الشيخ" في اللغة من استبان فيه السن، والمراد به هاهنا: من كان متقدما في العلم إماما يقتدى به.

و"النظراء" بضم النون: جمع نظير، ونظير الشيء: مثله.

ومحل قوله: "في مشيخة" نصب على الحال.

قوله: "الرهن بما فيه" يعني الرهن محبوس بما فيه من الدين، فإذا هلك هلك الدين; لأنه في مقابلته.

قوله: "وعميت قيمته" يجوز أن يكون من العماء وهو السحاب الرقيق، أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن معرفة قيمته، ويجوز أن يكون من العمى مقصورا بمعنى: وخفيت قيمته؛ لأن الأعمى تخفى عليه الأشياء.

التالي السابق


الخدمات العلمية