صفحة جزء
5060 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذه الآثار، فقالوا: ما أصابت البهائم نهارا فلا ضمان على أحد فيه، وما أصابت ليلا ضمنه أرباب تلك البهائم. واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.


[ ص: 399 ] ش: أراد بالقوم هؤلاء: شريحا والشعبي والليث بن سعد ومالكا والشافعي وأحمد، فإنهم قالوا: ما أفسدت البهائم في النهار لا ضمان على أحد فيه، وما أفسدته في الليل يضمنه أصحاب البهائم، إلا أن الليث قال: لا يضمنون أكثر من قيمة الماشية.

قال أبو عمر: قال مالك: ما أفسدت المواشي والدواب من الزروع والحوائط بالليل فضمان ذلك على أربابها، وما كان بالنهار فلا شيء على أصحاب الدواب، ويقوم الزرع الذي أفسدت بالليل على الرجاء والخوف.

قال: والحوائط التي تحرس والتي لا تحرس سواء، والمحظر عليه وغير المحظر سواء، يغرم أهلها ما أصابت بالليل بالغا ما بلغ، وإن كان أكثر من قيمتها، قال مالك: فإذا انفلتت دابة بالليل فوطئت على رجل نائم لم يغرم صاحبها شيئا، وإنما هذا في الحائط والزرع والحرث.

وقال ابن القاسم: ما أفسدت المواشي بالليل فهو في مال ربها وإن كان أضعاف قيمتها; لأن الجنابة من قبله إذ لم يربطها، وليست الماشية كالعبيد.

حكاه سحنون وأصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم .

وحكى المزني عن الشافعي قال: الضمان عن البهائم بوجهين:

أحدهما: ما أفسدت من الزرع بالليل ضمنه أهلها، وما أفسدت بالنهار لم يضمنوا. واحتجوا بحديث هذا الباب.

والوجه الثاني: إذا كان الرجل راكبا، فما أصابت بيدها أو رجلها أو فيها أو ذنبها من نفس أو جرح فهو ضامن له; لأن عليه منعها في تلك الحال من كل ما يتلف فيه أحدا.

قال: واختلف أصحاب داود في هذا الباب، فقال بعضهم بقول مالك والشافعي، وقال بعضهم مثل قول الليث إلا أن يتعدى في إرسالها، أو يربطها في [ ص: 400 ] موضع لا يجب له ربطها فيه، أو يعنف عليها في السياق فيضمن بجناية نفسه.

قال: وذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الشعبي "أن شاة وقعت في غزل حائك، واختصموا إلى شريح، فقال الشعبي: انظروه فإنه سيسألهم: أليلا وقعت فيه أو نهارا؟ ففعل. ثم قال: إن كان بالليل ضمن، وإن كان بالنهار لم يضمن، ثم قرأ شريح: إذ نفشت فيه غنم القوم قال: والنفش بالليل، والهمل بالنهار.

التالي السابق


الخدمات العلمية